قتلى المعارك الانتخابية

mainThumb

26-04-2016 09:11 AM

يزيد عدد الكتب التي صدرت عن عائلة جون كيندي وقصة اغتياله على أربعين ألف كتاب، معظمها في مديح الرجل. وقد صدرت عن منافسه ريتشارد نيكسون - ولا تزال - مئات الكتب، أكثريتها الساحقة في ذمّه. مجموعة الكتب الأخيرة لا تتوقف عند فضيحة «ووترغيت». فهذه قد لا تبدو شيئًا أمام سلوك نيكسون السياسي في حرب «فيتنام»: خدع حلفاءه الجنوبيين، وفاوض من خلف ظهرهم شيوعيي الشمال وثوار الفيتكونغ. قبل أن يصل إلى الرئاسة وبعدها، حاول توجيه الحملة الانتخابية بالخداع. أولاً بإجبار ليندون جونسون على اتخاذ قرارات خاطئة قبل اعتزاله، وثانيًا بتمديد الحرب بعد فوزه بناء على نصيحة هنري كيسنجر، الذي قال من الأفضل تأجيل قرارات السلام إلى ما بعد الانتخابات. وفي هذه الفترة وحدها فقدت الولايات المتحدة 21 ألف جندي، أي ثلث خسائرها في الأرواح طوال حرب فيتنام.
 
 
 
وقَّت كيسنجر ونيكسون إحراق كمبوديا والتفاقم في إحراق فيتنام، وفقًا للروزنامة الانتخابية في البلاد. وكان كيسنجر، الأستاذ السابق في هارفارد، قد وضع نفسه في خدمة الديمقراطيين والجمهوريين: من يفز بالرئاسة يفز به. هكذا انضم إلى نيكسون، مستشارًا للأمن القومي، ثم وزيرًا للخارجية، في ثنائي سياسي سيئ، انتهى باستقالة نيكسون في ظروف معيبة، وخروج كيسنجر إلى «العمل الخاص»، حيث وضع خبرته في خدمة السعر الأعلى.
 
 
 
كنت أعتقد أن المطاحن السياسية في الغرب إذا ما قررت تحطيم أحد فلن تتوقف عند حد. كما كنت أعتقد أن «فضيحة ووترغيت» ليست في الحقيقة مسألة تستحق كل ذلك الضجيج «المثالي» في بلد مثل الولايات المتحدة. وفضلت أن آخذ بالكتب الإيجابية عنه، وبينها كتاب لوزير الدولة لشؤون الدفاع في بريطانيا جوناثان إيتكن، الذي انتهت هو أيضًا حياته السياسية بسبب الحملات الصحافية التي أخذت عليه أنه قبل ضيافة محمد الفايد لمدة أسبوع في فندق «ريتز» من دون أن يصرح عنها.
 
 
 
لكن الحقيقة أن من كانوا تحت ذلك الانطباع يجب أن يعيدوا النظر في قناعاتهم، خصوصًا المستر إيتكن، الذي أرغم في السجن على تنظيف المراحيض، وعندما خرج، قرر أن يمضي حياته في خدمة الجمعيات الخيرية، كما فعل من قبله وزير الدفاع الأسبق جون بروفيومو، الذي ورد اسمه في شبكة العارضة الشهيرة كريستين كيلر، أوائل الستينات.
 
 
الآن تحمل الـ«غارديان» على ديفيد كاميرون. وقد نرى رجل أخلاق آخر ينتهي سياسيًا بسبب المعايير المزدوجة والظالمة في الغرب.
 
صحيفة "الشرق الأوسط"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد