طقوس من ذاك الزمان

mainThumb

14-11-2016 01:40 PM

استيقظ فجأة أهل البيدر النائمين تحت الخيام متوسّدين الأحلام البسيطة على صوت صياح :
 
الحوته في السماء ,,, الحوته في السماء 
 
 هرع جميعهم  ليبحث عن السلاح  ، منهم من أخرجه من صندوق قديم في احد أركان الخيمة ،  احدهم كان يدفنه تحت القمح و آخر حيث تنام الخراف ،  تجمّع الرجال و الشيوخ ,,,,  وقفت النسوةُ بعيدا إلى جانب الخيام و اختبأ الأطفال في الداخل 
 
 قال احدهم بصوت عال متمكن 
 
الحوته بلعت القمر ,,,,, سترك يا رب
 
كبّر الجميع بصوت واحد 
 
الله أكبر الله اكبر 
 
و من ثم رفعوا أسلحتهم نحو السماء ,,,, نادى أحدهم 
 
يا حوته إن لم تغادري سنقتلكِ على هذا البيدر الليلة 
 
انتظروا للحظات و هم ينظرون إلى القمر المختفي في قلب السماء 
 
ثم صرخوا :الويل لكي ,,, أطلقوا يا رجال النار ,,, و حرّروا القمر 
 
وبدأ الجميع بإطلاق النار باتجاه السماء لعلّ الحوته تخاف و تترك القمر ، او أنها تسقط أرضا و تموت فوق البيدر ,,,,استمر التوتر يسيطر على سكان البيدر لمده نصف ساعة ,,, تخلّلها صوت بكاء الأطفال و صراخ و شتائم النسوة  للحوته  ، و فزع قطعان الخراف الكسالى ,,,, 
 
تناولت عجوز ما زالت في قوتها عودا طويلا و كسرته من نصفه بركبه ساقها النحيلة قائلة :
 
تعوذي من الشيطان و غادري ,,,, هذا قمرنا و لن نتركك تبتلعيه هكذا 
 
و على ناحية أخرى من البيدر يقفز شاب يحمل سكينا في يده ، و قد التهمه ثوب الجهل ، يمسك به صديقه يحاول ثنيه عن قتل الحوته ,,,
 
يجب أن اقتلها ,,, دعني وشأني 
 
لا تقتلها ,,, في كل مره تخاف الحوته و تعود من حيث اتت 
 
لا  ,,, إما أنا و إما الحوته 
 
صوت من بعيد ينادي :
 
انظروا انظروا  ,,, الحوته خافت و ها هي تترك القمر
 
فعلا انظروا
 
نظر الجميع باتجاه السماء ,,,صوت زغاريد النسوة ارتفع عاليا ،  و كبّر جميع الرجال 
 
الله اكبر ,,,, القمر في أمان  ,,,
 
صرخ  احدهم 
 
إياكِ و أن تعودي يا حوته ,,, نحن لكي بالمرصاد 
 
ثم عاد الجميع إلى خيامهم لينتظروا الفجر الغافي حتى يستيقظ ، لقد كان لخسوف القمر في ذلك الزمان طقوسا جميلة تحمل بساطة الناس و طيبتهم . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد