اليد الضاغطة على الزناد

mainThumb

09-01-2017 11:27 PM

إنها الكلمة... فالخلق كلمة، قال تعالى: { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (سورة النحل 40). والدخول في الإسلام كلمة، والزواج الذي يحلل المحرم كلمة، والطلاق الذي يحرم المحلل كلمة.
       فأهمية الكلمة شيء عظيم، كما هي زلزلة الساعة شيء عظيم، لذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الرجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رِضوانِ اللهِ ما كان يظن أن تبلغَ ما بلغتَ، يكتبُ اللهُ تعالى له بها رضوانَه إلى يومِ يلقاه، وإنَّ الرجلَ لَيتكلّمُ بالكلمةِ من سَخَطِ اللهِ ما كان يظنُّ أن تبلغَ ما بلغَتْ، يكتبُ اللهُ له بها سَخَطَه إلى يومِ يَلقَاه".
 
       فبكلمة تشعل حربا... وبأخرى تطفئ حربا مشتعلة، الخبر في الإعلام كلمات، فخبر صادق وأخبار كاذبة، وأخرى مفبركة، وكثير قد خُطط لها لتكون اليد التي تضغط على الزناد، فتشعل فتيل حرب مدمرة، تسفك فيها الدماء، ويحل فيها الدمار، قتل وتقتيل، وخراب وتخريب، ودمار وتدمير، وعذاب وتعذيب، وطرد وتشريد. قال تعالى: { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (سورة النور 15 - 18)
 
       فأمّا تعمد نشر الخبر الكاذب فقول الزور، فلكل من يقلب الحقائق بكلمة وصفهم الله بقوله: { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا } (سورة المجادلة 2).  ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح المتفق عليه: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر –ثلاثاً- قلنا: بلى يا رسول الله. قال : "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" وكان متكئاً فجلس فقال: "ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
 
       وأما نقل الخبر كسبق دون التثبت من صحته، قال تعالى: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } (سورة النساء 83). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع".
 
       فحذار حذار من الخبر والكلمة، والانجرار وراءها ونشرها بوسائل التواصل الاجتماعي، بل والزيادة عليها بما يوافق الهوى، دون تثبت وبيان، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } (سورة الحجرات 6).
 
       بل لعله أصبح شغل الكثير من الناس على وسائل التواصل نقل الخبر، ونشره وربما الزيادة عليه، أكان خبرا محليا على مستوى القرية أو المدينة أو الدولة، أو خبرا اقليميا أو دوليا عالميا. هذا على مستوى الأفراد، أما على مستوى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فحدث ولا حرج، ويدخل ضمن ذلك الوسائل المساعدة من صورة ومقاطع فيديو وغيرها.
 
       فالكلمة والخبر كالرصاصة إذا انطلقت فلن تعود، وستترك أثرها أما قتيلا أو جريحا أو صوتا مدويا. فلترفعوا اصبعكم عن الزناد، فعدم وجود أخبار بحد ذاته خبر سار،  فبدل أن تكن اليد التي تضغط على الزناد، كن اليد التي تفرغ المخزن من الرصاص، وتعود بالسلاح إلى غمده.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد