إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا ليس بحاجة الى قدرات عظيمة لإستشراف المصالح الأمريكية -الغربية في المنطقة بشكل عام، وفي سورية بشكل خاص، ولا نُجافي الحقيقة إذا قلنا بأنّ واشنطن باتت على قناعة تامّة بأنّها أوهن وأعجز عن تحقيق طموحها في سورية، والقاضي بتقسيمها إلى كيانات إثنية وعرقيّة، من هنا، باتت واشنطن تُخفّض من سقف رهاناتها لإستخدام داعش وأخواتها كوسيلة لتحقيق مآربها في المنطقة، كون سلطة "أصحاب الرايات السوداء" باتت تتجه نحو الزوال، في حين يستعد "العلم السوري" ليرتفع في سماء سورية.
فى الوقت الذى ينهار الإرهاب فعلياً على أرض سورية، تتعمد داعش وأخواتها إظهار نفسها بمظهر القوي المنتصر، ووسيلتها فى ذلك بث لمقاطع الفيديو المفبركة عبر وسائل الإعلام وبدعم بعض القنوات المتعاطفة مع هذه الجماعات المتطرفة، وإن كانت طريقة داعش في بث الرعب والخوف قد أحدثت أثراً من الهلع والذعر في بعض الدول الأخرى، إلا أن الجيش السوري يمتلك القدرات العالية للقضاء على هذه الجماعات بشكل كامل والتصدي للإرهاب وتجفيف منابعه واجتثاثه من جذوره في سورية، ولولا أن هذه الجماعات تتبع أجبن الطرق فى مواجهة الجيش السوري وذلك بالاختباء والتخفي بين المدنيين والمؤسسات الحكومية والقيام بالإغتيالات والتفجيرات المفخخة، لكان للمعركة شأن آخر، كون هذه الجماعات لا تمتلك القدرة الكافية على مجابهة الجيش السوري وحلفائه وجهاً لوجه.
لقد حقق الجيش إنجازات كبيرة منذ بداية الأزمة لحماية سورية التي كانت تتعرض للكثير من المؤامرات واستطاع أن يحبطها جميعها، فاليوم داعش تتهاوى وهناك إنهيار دراماتيكي سريع ورهيب في مختلف المناطق السورية، خاصة بعد تضييق الخناق على تنظيم داعش ومحاصرته في الرقة من ثلاث جهات، الذي بدأ في تصفية عدد كبير من قادته، فالمقاتلين المحليين باتوا لا يثقون بالأجانب أو ما يعرفون بـ"المهاجرين" الذين انضموا للتنظيم ويتهمونهم بالتجسس لصالح الجيش السوري الذي اقترب من معقل "داعش" وسيطر على جميع الطرق المؤدية إلى الرقة، في هذا السياق انتقل مقر التنظيم الى محافظة دير الزور بدلاً من الرقة، الذي عزز تمركزه في هذه المحافظة منذ عدة أسابيع ، فالمئات من مسؤولي التنظيم غادروا الرقة باتجاه منطقة الميادين على بعد 50 كيلومتراً جنوب شرق دير الزور، لكن لجوء متطرفي "داعش" إلى هذه المنطقة لم يحم قياداتهم من الاستهداف السوري الروسي.
في سياق متصل إستهدف الطيران السوري مواقع لجماعة داعش في عمق منطقة القلمون الغربي طال بشكل مركّز مقرات داعش في كل من ميرا، وكوع بيت عرب، ووادي ومعبر الزمراني، وضهور الخش، كما نفذت وحدات من الجيش السوري بالتعاون مع القوات الرديفة عمليات مكثفة ضد مسلحي "جبهة النصرة" والمجموعات التابعة لها "أسفرت عن استعادة الأمن والاستقرار إلى بلدات وقرى، حلفايا وزلين والويبدة وبطيش وزور الناصرية وزور أبو زيد، وفرض السيطرة على تل الناصرية وتل المنطار، في هذا الإطار أن استمرار تساقط البلدات في حماة أمام الجيش المتقدم شمالاً، يعني وصول الجيش إلى مشارف خان شيخون، التي قد تدخل المواجهة قريباً، مع إشعال الجبهات الواقعة على الحدود الإدارية مع محافظة إدلب، وهذا يعني أن الجيش السوري الذي يمسك بزمام المبادرة في الميدان استطاع من خلال التحصين الجيد والرصد الفعال ان يحبط كل محاولات "داعش" وأخواتها في تلك المناطق الإستراتيجية.
في السياق ذاته يعد سقوط حلب وحمص وحماه والقابون و...و...و...كابوساً تريد الإدارة الأمريكية تجنبه فهو يعني هزيمة أمريكية أمام روسيا والجيش السوري الذين هزموا وطردوا داعش وأخواتها من مختلف المناطق السورية، مما يعني تقلص النفوذ الأمريكي في المنطقة، وتوجه تنظيم داعش نحو نهايته، وبذلك أثبت الجيش السوري وحلفاؤه قدرته على إلحاق الهزيمة بعصابات داعش ومن وراءهم، وتحطيم أسطورتهم الوهمية الخادعة، وما تحرير المدن السورية وتطهير أرضها من الدواعش إلا دليل على ذلك
كل ما سبق أكد للغرب وحلفاءه وأعلامه أن سورية لا يمكن أن تكون ضمن مخططهم في الشرق الأوسط الجديد، فالجيش السوري يقف بالمرصاد لكل تلك العناصر الإرهابية، والحقيقة أن سبب الذعر الغربي فى الوقت الحالي أن الجيش السوري سيطر بشكل كامل على مختلف المدن السورية واستطاع أن يقضي على التنظيمات الإرهابية الموجودة هناك والمدعومة من الغرب، فسورية أجهضت المخطط الغربي لإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط مع بداية الربيع العربي، وإعادة تشكيل سورية بالشكل الذى يراه الغرب وبالتعاون مع مجموعة من الخونة لتدمير الجيش السوري وتغيير عقيدته..... هذه هي سورية كانت وستبقى الجدار المتين في وجه المشروع الغربي والحضن الكبير للمقاومة وستظل دائماً فوق الجميع وللجميع.
khaym1979@yahoo.com