تذكرني إنتصارات الجيش السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية بتلك الإنتصارات التي تحققت في حلب والتي إنتهت بتحريرها ودحر الجماعات المسلحة وأدواتها، فمنذ بداية معركة الغوطة وحتى لحظات كتابة هذا المقال تنهال صفعات الهزائم على وجوه تنظيم "جبهة النصرة" والمجموعات الإرهابية المنضوية تحت زعامته بقبضات أبطال الجيش السوري وحلفاؤه على كافة المحاور القتالية، ويتصدر تقدم الجيش السوري مشاهد الجبهات، على الرغم من ضخامة التحضيرات التي قام بها المسلحين لهذه المعركة من حشود ومن أسلحة متطورة.
من خلال قراءة جغرافية السيطرة للجيش السوري وحلفاؤه من الناحية الاستراتيجية ووفق النتائج التراكمية للمرحلة الزمنية منذ انطلاق معركة الغوطة يتضح لأي محلل عسكري أو سياسي بأن الجيش السوري تمكن من تحقيق تقدم واختراق على محاور الغوطة الشرقية وسيطر على مساحات ومواقع جديدة كانت تحت سيطرة المسلحين، وهناك انهيارات وفرار بشكل جماعي لإرهابيو "النصرة" امام تقدم الجيش السوري على محور حوش الصالحية في غوطة دمشق الشرقية .في وقت تقدم الجيش مسافة 200 متر في مزارع الريحان مقابل سجن عدار في الغوطة الشرقية، كما بسط الجيش سيطرته على قرى وبلدات أوتايا والنشابية وحزرما بعد مواجهات عنيفة مع هذه المجموعات المنتشرة في المنطقة، ونجد هنا إن كل هذه الانتصارات للجيش السوري يضّيق الخناق على مسلحي دوما ويكسر دفاعات المسلحين الأمامية ، ويغلق الباب كلياً في وجه الجماعات المسلحة بإيجاد أي ثغرةٍ تمكنها من التنفيس على عملائها وأدواتها في الجبهة والذين هم على وشك لفظ أنفاسهم الأخيرة.
على أى حال إن حسم الجيش السوري لمعركة الغوطة سيشكل انتكاسة كبيرة للمسلحين وحلفاؤهم سواء على الصعيد العسكري أو الإستراتيجي أو المعنوي، كما ستسقط ورقة الضغط التي كانت بيد أمريكا وحلفائها تجاه سورية، وانهيار أي خيار مستقبلي لاستعمال الخطة "ب " ضد سورية، كما ستمكن سورية بأن تكون بوضع أفضل من أي وقت آخر فيما يتعلق بأي عملية تفاوض سياسي مستقبلاً ، كما تعطيها قوة عسكرية كبيرة ، فالقوات المحتشدة منذ سنوات لحماية العاصمة من أي هجوم مباغت من الخاصرة الشرقية ، ستسلك طريقها إلى الجبهات المتبقية أقصى الشمال وأقصى الجنوب وهذا سيسرع من حسم تلك الجبهات.
اليوم تتسارع الأحداث في سورية بوتيرة عالية وبدأت الكثير من الموازين والتوقعات تنقلب على رأس مخططيها بعد التحركات القوية للجيش السوري لتحرير مناطق كانت في يوم ما تعتبر من المعاقل الصعبة والمهمة للمسلحين والتي لا يمكن حتى التفكير بالإقتراب منها، ليتمكن الجيش السوري من قلب موازين المعادلة ويبدأ بالزحف والتحرك المعاكس لتسقط معاقل وحصون الجماعات المسلحة في معظم المناطق السورية.
وبذلك فشل الأعداء في تحقيق أهدافه بسبب الصمود الإسطوري لأبناء الشعب السوري الذي أذهل العالم بأكمله، فالمفاجأت التي لم يتوقعها الحاقدين على سورية هو الحضور القوي للجيش السوري و تكبيد المسلحين خسائر كبيرة وفشلوا في كافة زحوفاتهم السابقة، في السياق ذاته يبدو أن معركة الغوطة قد أوشكت بالفعل على الحسم وذلك بإنتصار الجيش السوري على المجموعات المسلّحة والقوى المتطرفة، وأعتقد بأنّها قد تكون مسألة أيّام وليس آسابيع أو أشهر، لأن إستعادة الغوطة سيفتح الطريق نحو المناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة المسلحين ويهيئ الظروف المناسبة لتأمين وحماية العاصمة دمشق.
مجملاً....إن الجماعات المسلحة باتت ضعيفة ونهايتها ستكون قريبة جداً، كون أن الجيش السوري المرابط في ساحات القتال يمر بأعلى مراحله وسيتمكن من خلال تكاتف الجميع من هزيمة هذه الجماعات وإعادة الأمن والإستقرار لمدننا وقرانا، وبإختصار شديد إن النصر السوري لم يكن ليتحقق لولا تكاتف الجهود وتوحيد الصفوف بين الجيش السوري وأبنائه وإنخراط الجميع في خندق دمشق بكل مكوناتها ضد خندق الطائفية والإرهاب والفوضى الخلاقة، فنقطة القوة التي يتميز بها السوريون اليوم تكمن في توحدهم ونبذ الخلافات والفرقة وضرورة العمل تحت مظلة الهوية السورية العليا من أجل إجتثاث الإرهاب ودحره وإعادة النازحين وتحقيق الأمن والإستقرار في وطننا الكبير سورية، فدمشق هي بوابة النصر وما هي إلا محطة جديدة من محطات النصر السوري المتواصل والذي يبعث برسائل مباشرة للمسلحين وكل من يقف وراءهم بان النصر النهائي بات أقرب مما يتصورون، وأن المعركة تشارف على نهاياتها وأن السوريين أقوى من كل المؤامرات التي تحاك ضدهم والمنطقة بأكملها.