الذين يحركهم الموت

mainThumb

05-11-2018 01:49 PM

كان سيلا من المشاعر المتدفقة الجياشة في قلوب المكلومين، والمشاهدين والسامعين، حمل معه الحزن والألم ولوعة الفراق، والسخط والغضب، والشجاعة والتضحية، والخوف والإنكسار، ليكسر حاجز الجسور والطرق المهزوزة، فيتلون معه بحر القلوب بلون تلك المشاعر الفياضة. موازيا لذلك السيل الجارف من الماء، حاملا معه الطين والصخور، والأجساد الغضة، مدمرا الطرق والجسور الفاسدة، ملونا البحر بلون الطين والموت، لتصبح زرقاء ماعين منبعا لدموع العين التي لا تجف ولا تهدأ.
 
 إن الذين لا يحركهم الانتماء للوطن، والولاء للأمة، إنما يحركهم الموت، وأي موت؟ الموت بصورته البشعة لوجه طفلة ملائكية قد هشمته الصخور وهو يرتطم بها بقوة لتكسر عظمه، وتقطع لحمه، وترسم من ذلك الوجه البريء صورة مشوهة مرعبة، حتى لا يستطيع ذويها التعرف عليها، فيحملون غيرها إلى مدافنهم، وتبقى لوعة الآخر الذي يبحث عن طفلته بين الأموات فلا يجدها، نعم... وصف حقيقة الواقع مؤلم جدا، ولكن... لا بد منه للذين يثنون صدورهم ويستغشون ثيابهم عن الحق والحقيقة.
 
المجتمع بغالبيته كان حزينا مكلوما، فهم آباء وأمهات وعوائل تحركهم المشاعر الإنسانية، وإن كان هناك أصوات نشاز خرجت بوجوه بشعة على مواقع التواصل الاجتماعي، كان هناك ما يوازيها من تضحيات لأفراد غامروا بأرواحهم، وبعضهم ضحى بها لأجل انقاذ الآخرين.
 
هذه الأرواح التي نادها قدرها، يتحمل مسؤوليتها الجميع، والكل يجب أن يتحلى بشجاعة الفرسان ليتحمل جزء من المسؤولية، ولاة أمر الطلبة، والمدرسة المشرفة ، والشركة السياحية المنفذة، وبالتالي المسؤولية المعنوية لوزارتي التربية والسياحة والحكومة، حتى يستطيع الجميع أن يمارس الوقاية التي درهمها خير من قنطار علاج. فإذا ما تحركت الحكومات التي لا يحركها سوى الموت أسفرت التحقيقات عن وجه بشع لفساد هنا وإفساد هناك، في البنى التحتية للسدود والطرق والجسور وغيرها، والمخفي أعظم، فمن سيتحمل مسؤولية ذلك؟ وهل سيكون في القادم من الأيام علاج ناجع يستأصل الفساد والفاسدين؟ ثم العمل بمبدأ الوقاية.
 
 وأخشى ما أخشاه أن الذين يحركهم الموت اليوم، سيمرون به غدا كفيلم رعب سينمائي، يهتز حاضروه للحظات، ثم سرعان ما تموت قلوبهم، فبين الفينة والأخرى ترتسم صور الموت البشعة هنا أو هناك، في رحلة مدرسية، في سيول جارفة بين الجبال، وفي السهول والوديان، تغرق الفيافي والمدن، حتى في قلب العاصمة، في حوادث سير مؤسفة على طريق صحراوي بات يعرف بطريق الموت، وغيرها...
 

 فلتكن نقطة انطلاق لمبادرة جد واجتهاد وعمل، لوضع الأسس والسياسات لتجنب ما حدث ويحدث مستقبلا، والالتزام بالقوانين والأنظمة من رأس الهرم حتى قاعدته. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد