ولنا كلمة .. في ذكرى ميلاد جلالة الملكة

mainThumb

01-09-2020 01:07 AM

صادفت ذكرى ميلاد جلالة الملكة رانيا (ام الحسين) ضمن مسيرة حياتها المليئة بالعطاء والانجاز... الملكة الانسانة صاحبة الفكر التربوي الاستباقي، وصاحبة الثقافة الشاملة حيث امتلكت القدرة على التأثير في المنتديات الفكرية والثقافية عالميا ومحليا، تترسّم في ذلك نهج المعلم الأول جلالة سيدنا لتكون الى جانبه معزّزا لها قدراتها وملكتها الفكرية ونضج تطلعاتها في استشراف المستقبل حيث استطاعت بذكاء متوقد وعقل راجح وثقة بالنفس كبيرة نقل صورة المرأة العربية والأردنية المشرقة والمشرفّة.

وللأمانة، وكاستاذ جامعي وأحد المتابعين لفكر جلالة الملكة التربوي والتعليمي الرصين فقد كان لجلالتها الحضور القوي والفاعل والمؤثر ايمانا بان التربية والتعليم ركنان أساسيان للنهضة مستمدة ذلك من روح الاوراق النقاشية لجلالة الملك ومنها الورقة النقاشية السابعة التي تناولت محور التعليم التي تضمنت بأن إحداث التنمية الحقيقية يكون بإحداث نقلة نوعية في التعليم في كل مراحله، والتنافس دونما تردد أو وجل أو خوف لنضع أردننا والانسان الأردني على خريطة المعرفة العالمية والتأثير والتأثر بها ايجابيا ونوعيا لنترك بصمات واضحة المعالم لأجيال المستقبل الذي هو مستقبل أردننا الغالي. ولتأخذ مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا دورها المحوري كمنارات علم وحاضنات وعي وفكر ونهضة لنرتقي، ونحقق ما يطمح اليه جلالة الملك بالعمل الصادق والجهد الدؤوب والتفاني من أجل مستقبل الأجيال ومستقبل الوطن الذي يشكل التعليم والتعليم العالي الركن الأساس للتقدم والنهضة وبناء الإنسان المؤمن بربه والمنتمي لوطنه وقيادته الهاشمية.

وأشير هنا في هذا المقال، بمناسبة ميلاد جلالتها السعيد باذن الله، الى جانب اهتمام صاحبة الجلالة بمحور التربية والتعليم الذي يعتبر المحرك الأساس للتنمية الشاملة في أردننا الغالي. وأذكر ماورد في كلمة جلالة الملكة رانيا العبد الله المعظمة يوم إعلان الإستراتيجية الوطنية للموارد البشرية حيث ان الذي يحلّل بعمق يجد الفكر التربوي الرصين والأصالة والتحديث في آن واحد وأدب الحوار الراقي وبلاغته الذي تقف أمامه بإحترام وتقدير حيث خاطبت جلالة سيدنا بقولها "سيدي صاحب الجلالة.. أهم ما علمتنا، هو أن أقصر السبل لحل المشاكل:


المواجهة.. لا التجاهل، أن نرى الأمور على حقيقتها لأن تجميل المشاكل؛ يأتي في المحصلة على حساب أجيال الأردن ". ممّا يوجهنا الى ان ترحيل الأزمات وعدم مواجهتها هو الذي يزيد الأمور تعقيدا، وأن معالجة الاخطاء التي رافقت مسيرة التعليم باتت ضرورة ملحة بدون تسويف او تأجيل او مجاملة، لأنه ليس من حق كائن من كان أن يجامل في أمر يتعلق في بناء مستقبل أردننا ووطننا وخصوصا البناء التعليمي حيث وضعت جلالتها النقاط فوق الحروف، وأشارت بأمانة ومعرفة إلى مواطن الخلل منذ بدايات مشوار التعلم بقولها" نأخذ أول خطوة في أقصر السبل .. وننظر بعين الناقد على حاضر تعليمنا..... مئة وخمسون ألف طفل يسجلون في الصف الأول الإبتدائي كل عام، ماذا نقدّم لهم؟ ما شكل رحلتهم في منظومة التعليم الأردنية؟".

ما أعمقها من رؤية استشرافية صادقة تؤكد لنا ان عملية البناء تراكمية ومدماك التعليم يجب أن يكون قويّا ورصينا في كل مراحله بدءا من مرحلة رياض الأطفال وإنتهاء بالتعليم العالي الذي يجب أن يرافقه أيضا بناء قيمي وأخلاقي مستمد من أصالة تاريخ أمتنا وديننا الإسلامي دين الوسطية والإعتدال الذي يحترم الانسان وعقله وفكره وكيانه ليكون عنصرا فاعلا في خدمة وطنه، ويسهم إيجابيا في بناء الحضارة الإنسانية....بناء الإنسان الذي يرفض التطرف والتعصب والإنغلاق والتزمت والجهل أيا كان مصدره، ويدعو إلى الإنطلاق نحو فضاءات الحرية المسؤولة التي تحمل المعرفة والحكمة والخير وإحترام الرأي الآخر الملتزم المسوؤل.

كما أشارت جلالة الملكة رانيا في كلمتها الشاملة والعميقة فكرا وصدقا في الرؤية وجرأة لمواجهة ما اعترى مسيرة التعليم من سلبيات ووضع الحلول والتغيير المتمثل في "كسر القوالب الفكرية والمحدّدات التقليدية التي جعلت تعليمنا جامدا لا حوار ولا حياة تنبض فيه مع ضرورة تحرير أنفسنا من الأسوار العالية التي بنيناها داخلنا والتي تحجب رؤيتنا عمّا يمكن ان نكون فيه". نعم، لقد حان الوقت لتحقيق الرؤية الملكية بعزيمة الأردنيين الصلبة والإلتزام بخطة وطنية واضحة للخروج من هذا النفق ليرى تعليمنا النور ونحقق طموح قيادتنا الهاشمية نحو اردن أكثر اشراقا وتقدما. الأمر الذي يدعونا كذلك لنستثمر في التعليم استثمارا حقيقيا لا تجارة تحقق الربح المادي السريع على حساب النوعية والمخرجات، حيث أن الإستثمار الحقيقي ودون أدنى شك سيدفع بعجلة تنمية الموارد البشرية في جميع مرافق الدولة الاردنية. ولنستفيد من تجارب دول كثيرة أعادت بناء هيكلها التعليمي على أساس متين كاليابان وكوريا وماليزيا وغيرها فنهضت وتقدمت في جميع الميادين.

وفي هذه المناسبة يا سيدتي أخت الأردنيين جميعا، نقول نعم للفكر التربوي الرصين والبناء التعليمي القوي لتترجم الرؤية الملكية السامية لتطوير منظومة متكاملة تشير إلى الخلل انىّ كان وأينما وجد عبر مسيرة التعليم وتضع جدولا زمنيا لمعالجة هذه الاختلالات ضمن خطط مدروسة هادفة تراعي مستقبل التنمية، ولايكون ذلك إلا بإعطاء ملف التعليم الشامل الأولوية القصوى ومواكبة المستجدات التعليمية والتربوية الحديثة، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في العملية التعليمية، وبناء الإنسان المتطور بعقله وسلوكه وفكره ليستمر البناء والإنجاز… فالتعليم النوعي والرصين بمختلف مراحله الذي يوازية منظومة قيمية وأخلاقية مستمدة من ديننا الحنيف ومن أصالة هويتنا ونبل عاداتنا هو ركيزة أساسية للنهوض في كافة مرافق الدولة الأردنية التي تنعكس على مفهوم التنمية الشامل

ودمت يا مولاتي بألف خير، ومتعك الله بدوام الصحة والعافية تقدمين العطاء الذي لا ينضب والعمل الخيّر الدوؤب الذي لا يتوقف تجاه اردن العزم والكرامة، وحفظ الله اردننا الغالي في ظل جلالة سيدنا حادي الركب الملك عبد الله الثاني بن الحسين أعز ملكه، وحفظ الله سمو ولي العهد الامين.


• كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
• عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الاردنية
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد