جائحة كورونا والحاجة الى نموذج جديد للتعامل معها

mainThumb

22-10-2020 04:32 PM

بات هناك قناعة لدى الجميع ان كورونا (كوفيد 19) ظاهرة مرضية تتصف بالتقلبية والغموض التام وبالتالي التعقيد التام في كل ما يحيط بها، فالإدراك البشري لظاهرة كورونا بات محدوداً بناءً على الحدود البيولوجية للحواس البشرية، فسرعة التغير بطبيعة الفيروس تفوق سرعة التعلم، وبالتالي اقتصرت الإجراءات البشرية على مجموعة من الافعال الاحترازية تمثلت بالحجر واستخدام الواقيات والمعقمات والتباعد الجسدي وما الى ذلك.
العثور على الحل الصحيح او الطريقة المثلى للتعامل مع كورونا وانتشارها السريع بات صعبا جدا، حتى لو كنا نجمع كل المعلومات ونكون قادرين على معالجتها والحكم بشكل صحيح، فصنع القرار العقلاني التقليدي بات لا يجدي نفعا نظرا لخاصية التقلبية بالفيروس والسرعة في الانتشار وقدرته على العيش في جميع الظروف والاحوال.
لذلك لا بد من التفكير بشكل مختلف حيث اننا امام مرض يكتنفه الغموض في العديد من جوانبه ومكونات وتجدد خصائصه، وعليه فحالة التخبط بالقرارات وتناقضها باتت تشكل امرا عاديا، ومع ذلك فإنه من الضروري وجود توازن بين النظام والفوضى في التعامل كورونا، وإلا فإنها ستحرق ما تم بناؤه. فالوقت الحالي وقت الديناميات المرتفعة والترابط المتزايد، فلم تعد النماذج التقليدية للعقل البسيط وقواعد صنع القرار والاستدلال مفيدة بعد الآن عند إدارة المؤسسات والتعامل مع الجائحة.
فالنظرة الواقعية التقليدية للظواهر في ظل بيئة مستقرة تختلف عنها تماما في حالة التعامل مع الظواهر الجديدة والمتجددة بخصائصها ومكوناته وطبيعة انتقالها وانتشارها. ففي ظل البيئة المستقرة يصلح نموذج السبب والنتيجة، ولكن في حالة البيئة الفوضوية او التي على حافة الفوضى لا بد من الاعتماد على نماذج مختلفة في الإدراك والحكم والتصرف في الإدارة وبالتالي التعامل مع ما هو جديد كجائحة كورونا.
والحالة كذلك ونحن نواجه جائحة سريعة الانتشار عابرة للحدود والقارات الامر الذي جعل الأفراد والأنظمة المؤسسية امام صعوبات جمة في التعامل مع التعقيد الناجم عن كورنا، الامر الذي جعل العديد من الحكومات في حالة تناقض في العديد من قراراتها وامام موازنات ومواسمات بين العديد من المتغيرات ولا يوجد معيار يمنح اي من الخيارات افضلية على غيره فكلاهما اكثر مرارة من الاخر.
لذلك فإن الزيادة في التعقيد لها تأثيرات كبيرة على جميع المستويات، وقد يكون هناك قلة من الافراد متنوعي الجدارات العالية لديهم القدرة على استيعاب التنوع وبالتالي القدرة على التعامل مع الحالات المعقدة كحالة كورونا، وهذا يعني أنه لا يمكن التعامل مع زيادة التعقيد إلا من خلال التعقيد المتزايد لنموذج العقل الفردي أو النظام التنظيمي فاحاجة ماسة لنماذج ومناهج مختلفة في الإدراك والحكم والتصرف في الإدارة وبالتالي التعامل مع الجائحة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد