تعامل دولة الرسول ﷺ مع غير المسلم .. وإساءة ماكرون للإسلام

mainThumb

01-11-2020 10:05 AM

عندما نتحدث عن الدولة في الاسلام، فبكل تأكيد سنتدحث عن دولة رسول الله ﷺ ،ودولة الخلفاء الراشدين التي طبقت تطبيقاً صحيحاً وسليمًا للإسلام النقي الصحيح ، والتي تعري حضارة الدولة الفرنسية في تعاملها مع المسلمين في فرنسا التي عبر عنها رئيسها ماكرون ..!.

فالرسول ﷺ في بداية دعوته، ركز على أركان الإيمان والعقيدة والتوحيد، وبعد ذلك ركز على المعاملات والعبادات، فالاسلام يقوم على عدة أسس، أهمها : مبدأ المساواة، فالاسلام ليس فيه عنصرية وليس هناك مفاضلة ولا يفرق بين الاسود والابيض، ولا بين عربي أو أعجمي ، إلا بتقوى الله تعالى .

فالاسلام يقوم على التقوى، لا فرق بين عربي واعجمي إلا بالتقوى وبذلك أنطلق مبدأ المساواة في الاسلام الذي يساوي بين الذكر والانثى في كافه الحقوق والواجبات، فمن هذا المنطلق سبق الاسلام هذه الدول منذ 14 قرناً، فالاتفاقيات والمعاهدات واتفاقيه هلسنكي والحقوق المدنية والسياسية وحقوق الانسان والمواطن الفرنسي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم تغطي الا جزءاً بسيطاً من الحريات بينما في الاسلام جاءت هذه الحقوق والحريات شاملة.

لذلك نقول أن مبدأ المساواة هو مبدأ اسلامي، فالله سبحانه وتعالى لم يفرق بين الذكر والانثى وعندما كان يخاطب كان يخاطب المؤمنين والمؤمنات والمسلمين و المسلمات والصائمين والصائمات والقانتين والقانتات والجزاء واحد في الإسلام .

نقطة أخرى ركزت عليها الشريعة الاسلامية في مجال نظام الحكم وهي مبدأ الشورى، ومبدأ الشورى هو مبدأ إسلامي واسع من مفهوم الديموقراطية في عصرنا الحالي، فلذلك الشورى في الإسلام تشمل على تبادل رأي الآخر والحوار والنقاش حتى الرسول ﷺ كان أكثر الإستشارة لأصحابه، علماً أن الوحي قد ينزل على رسول الله ﷺ ويحسم هذا الأمر وذلك لقوله تعالى : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ).

بالنسبة إلى مبدأ الشورى، هل هو على سبيل الوجوب أو على سبيل الإستحباب، كان هناك إختلاف في الفقه من هذا المنطلق، فهناك أيضا مبدأ مهم وهو مبدأ الحرية،فالحرية في الإسلام شاملة جميع الحريات والحقوق، فلا إنتقاص منها وهي ممتدة إلى كل المجالات، ولن تقف اي عثرة امام الاسلام في أي حرية من الحريات العامة.

وتعني الحرية في الإسلام، الحق بما يسمح به التشريع الإسلامي، بمعنى ذلك لا يجوز أن تقذف أخيك بأمور شائنة، فالحرية منظمة في الإسلام، ولذلك من هذا المنطلق كان هناك تنظيم لهذه الحرية لقوله تعالى " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "، فالحوار والنقاش منظم في الاسلام.


وكان الصحابة أكثر من يبدون آرائهم، ولذلك كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه أيها الناس:من رأى منكم فيَ إعوجاجا فاليقل . فقال رجل والله لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك في سيوفنا . فقال رجل أبمثل هذا تقول لأمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنين : لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها .

فالاسلام أكد على حق المعارضة، وهي المعارضة المنظمة التي تستند الى مبادئ الشريعة السمحة .
فعندما أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تحديد المهور، فقالت له إمرأة، ليس لك هذا يا عمر ، فقال أمير المؤمنين عبارته المشهورة : أصابت امرأة وأخطأ عمر ، فطأطأ رأسه وقال : والله ان كل الناس أعلى منك يا عمر .

فالاسلام لم يميز بين الاجناس ولا الأديان، ونستذكر في هذا المقام ابن العاص مع الغلام القبطي، فعندما كان عمرو بن العاص رضي الله عنه واليًّا على مصر في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اشترك ابنٌ لعمرو بن العاص مع غلام من الأقباط في سباق للخيول، فضرب ابن الأمير الغلام القبطي اعتمادًا على سلطان أبيه، وأن الآخر لا يمكنه الانتقام منه.


فقام والد الغلام القبطي المضروب بالسفر صحبة ابنه إلى المدينة المنورة، فلما أتى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، بَيَّن له ما وقع، فكتب أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص أن يحضر إلى المدينة المنورة صحبة ابنه، فلما حضر الجميع عند أمير المؤمنين عمر، ناول عمر الغلام القبطي سوطًا وأمره أن يقتص لنفسه من ابن عمرو بن العاص، فضربه حتى رأى أنه قد استوفى حقه وشفا ما في نفسه.


ثم قال له أمير المؤمنين: لو ضربت عمرو بن العاص ما منعتك؛ لأن الغلام إنما ضربك لسطان أبيه، ثم التفت إلى عمرو بن العاص قائلاً: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟.
نستفيد من هذه القصة المؤثرة أن الاسلام لا يعرف الجاه ولا يعرف السلطان، فالجميع أمام الاسلام سواسية، وتعتبر كلمة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - المشهورة " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" ، دستور الانسانية جمعاء جاء بها الاسلام قبل أكثر من 1400 عام ، قبل كل المعاهدات والمواثيق الدولية التي تؤكد على حرية الانسان وكرامته وحقوقه .

فالرسول ﷺ أكد على حرية الرأي والتعبير وحق العبادة وقال ": من آذى ذميا فقد آذاني .."، فاليهودي يتعبد في معبده والمسيحي يتعبد في كنيسته والمسلم يتعبد في مسجده.

فالرسول ﷺ هو من وضع أركان الدولة الاسلامية، التي انتجت وثيقة المدينة التي تعتبر أول دستور مدني في تاريخ الدولة الإسلامية. تمت كتابته فور هجرة النبي ﷺ إلى المدينة المنورة، والذي يعتبر منارة انسانية من منارات الدولة الاسلامية بعهد سيدنا محمد ﷺ .


وهدف دستور المدينة الى تعزيز العلاقات بين سكان المدينة المنورة، بغض النظر عن دياناتهم وفي مقدمتهم المهاجرين والانصار واليهود وغيرهم من الاثنيات الاخرى ، حتى يكون شعباً واحداً يحكمهم دستور واحد يتصدوا لأي عدوان خارجي قد تتعرض له المدينة .

وبهذا الدستور أصبح هناك دولة حقيقية بقيادة رسول الله ﷺ مرجعيتها الشريعة الاسلامية، وجميع الحقوق مكفولة ومصانة مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية والاعتقاد والمساواة والعدل .


ونتساءل هنا، لماذا الهجمة الآن على رسول الله ﷺ ؟ ولماذا يقوم زعيم دولة بالتهجم على الرسول ﷺ بحجة حرية الرأي والتعبير ؟ فعندما تكون هناك مهاجمة لليهود يقولون عنها مهاجمة للسامية، وعندما مهاجمة اي ديانة يعتبرونها غير جائز ، الا ان الامر اختلف عند مهاجمة الاسلامه ونبيه ﷺ فيعتبرونه حرية رأي وتعبير . علماً أن الاسلام نهى عن مهاجمة الأديان وحث على احترام حرية المعتقد .

فحرية الرأي منظمة وليست مطلقة، فهناك ضوابط وقيود ترد عليها ، وقد كفلتها الدولة الاسلامية، التي تقوم على مبدأ الشورى، فمعظم دساتير العالم كفلت حرية الرأي والتعبير ولا يجوز سب وشتم الالهة والانبياء والرسل، فالاسلام يقوم على حرية العقيدة ، ومنهج لا إكراه في الدين، فحرية العقيدة أصبحت في الاسلام من أهم الحقوق والحريات السياسية، ولكن لا بد من مراعاة الاداب والنظام العام ، فهناك قضايا كثيرة في الاسلام ، فهو في النهاية والبداية دين المحبة والتسامح ودين الوسطية والاعتدال والرحمة .

فالرسول ﷺ كان رحيماً بأمته وكان يغرس الأسس والمبادئ، وهي باقية الى يوم الدين لا تتغير ولا تتبدل، وهي مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، والقانون هنا قانون إلهي وليس قانون وضعي ، والله يعلم ما في النفوس والقرآن الكريم وضع القواعد الكلية، فجاءت السنة النبوية مبينة ومفسرة لما جاء في القران الكريم ،وايضا علينا ان نأخذ قولا وفعلا ما يصدر عن الرسول ﷺ .

فمن يستمري الاستهزاء والصاق التهم بالرسول ﷺ هم من أعداء الاسلام وأعداء الأمة وهذا تكرر كثيراً ، فلا بد لتلك الدول ورؤساء الدول أن يحترموا الرسالات والأنبياء، وأن لا تمييز لذلك ، فالاسلام لم يميز بين المسيحي والمسلم فلهم الحقوق والواجبات كما للمسلمين ، هناك حديث كبير في هذا الموضوع لن ينتهي في هذا المقال .. فعندما نتحدث عن السيرة النبوية نحتاج الى مجلدات .. !.


فمهما كانت قوة أعداء الاسلام، فعقيدة التوحيد أوقوى وثابتة في قلوب المسلمين والمؤمنين .


ونختم بقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) .. صدق الله العظيم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد