الهجرة واللجوء

mainThumb

09-01-2021 11:52 PM

لا اعتقد أن الكلمتين مختلفتان بالمعنى، وأنا أستعملهما هنا كمترادفتين. عالعموم دعوني استذكر بمعيتكم أول شرح سمعته بالمعنى الاكاديمي لمفهوم الهجرة الذي كان يأخذ عندي  المنحى الديني قبل ذلك.
 
درست الهجرة وأسبابها وأنواعها بمادة الجغرافيا السكانية بالجامعة الأردنية بالسنة الأولى 1974 كمادة كمتطلب كلية على يد الأستاذ (الدكتور لاحقا) موسى سمحة؛ بدأها بالتعريف بها ثم أنواعها من هجرة قسرية واختيارية حسب سببها؛ فكانت الاجبارية بسبب الحروب والقحط والمجاعات والاختيارية بسبب العمل والتعليم وربما السياحة.
 
ما خرجتُ به من ذلك الوقت أن الهجرة ليس عيبًا ولا سُبّة ولا عارًا بوجه المهاجرين حتى يخجل منه؛ وما اكتشفته لاحقا أنها على البلد المضيف ليست حملا ثقيلا كما يدعي أصحابه أحيانا ولكن الحديث عنها يأتي من باب أن من بدأ المأساة ينهيها كما قال نزار قباني؛ دعوة لمن تسبب بالحرب أو مولها أو غرر بأصحابها وأغراهم بالحرب بتحمل المسؤولية.
 
أما على الصعيد الداخلي فقد جاء المهاجرون وجاء معهم البزنس وتجارتهم وزراعتهم والأيدي العاملة؛ فتحوا المحلات واستأجروا البيوت وفلحوا الأرض وتعلم أهل الدار منهم الكثير من الفنون من باب تبادل الخبرات. 
 
وحتى نثبت أن الهجرة ليس عارا على المهاجرين سنلبسها لبوس الدين والتقوى ونضرب الأمثال من وحي الهجرة النبوية الى الحبشة ولا ندري كم عاد منهم لمكة لاحقا، والهجرة الكبرى ليثرب (المدينة المنورة) ورغم المآخاة بينهم لا أدري كم منهم مال على أخيه الأنصاري وأخذ منه جزءا من أرضه لكنا قرأنا على الكثيرين من " دلني على السوق".
 
تاجروا وانتعش حال الناس بالمدينة. واعتقد أن هذه أيضا نوع من اللجوء.لا نقول بالمثالية طبعا قال منهم " لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" فلم يكترث أحد لما قال بل ردوا عليه بأن استمر كل واحد بعمله تحت مظلة قانون المدينة الجديد. كذلك لم يذكّر المهاجرون الأنصار  في كل حين بأنهم علموهم ونجّروهم وجعلوهم من البشر.
 
إذا أكاديميا وحسب التعريف كل ما غادر أرضه ليستقر بأرض أخرى هو مهاجر أو لاجئ أو نازح سمه ما شئت؛ وهذا وصف لحركة الشعوب فقط سواء كان هذا اختياريا أو قسريا. 
 
عندنا بالأردن عبارة "من شتى الأصول والمنابت" قالها جلالة المرحوم الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ليقطع الكلام في هذه القضية التي تهدد النسيج السكاني الأردني ولكن للأسف أصبحت عبارة متداولها يحرص كل خطيب وبكل مناسبة من خطبة الجمعة إلى خطبة العرس أن يخترع لها مناسبة ويدحشها في خطبته. لا أذكر أنني أرتحت لمثل هذه المقولة.
 
أقول كما قال رجل الدولة دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة في مقابلة معه حول حماس " لا يوجد على أرض المملكة الأردنية فلسطيني واحد" وعندما استغرب المذيع من العبارة قال نعم هم أردنيون يحملون جواز السفر الأردني ولا يهم من أين جاؤوا زمان.
 
أنا أضيف على عبارة دولته إذا سمح لي أنه لا يوجد على أرض المملكة الأردنية شركسي واحد ولا شيشاني واحد ولا شامي واحد ..... إلى آخر السلسلة. 
 
اكثر ما يخيفني هم هؤلاء المتصيدون بكلمة هنا وكلمة هناك وهات منشورات.  وأختم بما قاله جلالة الملك عبد الله الثاني في كلمته بافتتاح دورة البرلمان "سلام على الأردن وشعبه العظيم".   
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد