البلديات والتنمية في الأردن

mainThumb

30-03-2021 01:44 PM

هناك تحديات تواجه الأردن اقتصاديا كباقي دول العالم، وبعض الدول تتفهم هذه التحديات وتتعامل معها بكفاءة وتنتصر عليها وتحول المحن إلى منح، والبعض الآخر يفشل في مواجهتها ويبقى يدور في حلقة مفرغة، ونجاح الدول في مواجهة هذه التحديات يعتمد على الجرأة لدى صانعي القرار ومقدار انفتاحهم على المجتمع المحلي وتفهمهم إلى حاجاتهم وحاجات السوق ومدى تشاركية القطاع العام والخاص، وفي هذا المقال سنحاول تسليط الضوء على دور البلديات في تنمية المجتمع المحلي وقدرتها على التشاركية مع القطاع الخاص.
 
 
البلديات في كل دول العالم تلعب دور كبير ومحوري في تنمية المجتمع بسبب معرفتها لحاجات الناس واحتكاكها المباشر مع المجتمع المحلي، فعلى سبيل المثال، البلديات في أمريكا وفي الدول المتقدمة عادة ما تقوم بمشاريع تنموية وتساهم في البنية التحتية، ويتم ذلك بدعم حكومي حيث يقوم البنك المركزي بإصدار سندات وبيعها في الأسواق لتمويل البلديات، وبالتالي تتمكن البلديات من عمل مشاريع تساهم في تنمية المناطق وتشغيل المجتمع وتخفيف حدة البطالة.
 
 
هذة السندات يصدرها البنك المركزي بإسم "سندات البلدية" لفترات يمكن أن تمتد الى 5 أو 10 سنوات ويمكن أن تصل إلى 20 سنة، وتقوم البنوك بشراء هذه السندات لأنها مضمونة ومكفولة من الحكومة، وتأخذ البنوك بنفس الوقت فوائد ثابتة سنويا بسبب إمتلاكها لهذة السنوات، إشتراك ثلاث جهات في هذه العملية يعزز من التشاركية: فالبنك المركزي يصدر السندات "سندات البلدية"، والبنوك تشتري هذه السندات، والبلديات تكون قد حصلت على المال من البنك المركزي تساعدها على إنشاء مشاريع وتنمية المناطق، هذة الدورة النقدية والإنتاجية تعود بالمنفعة على الجميع، فينمو المجتمع وتتقدم الدول وتنمو بهذا التعاون والتشارك. 
 
 
ما الذي يحدث عندنا في الأردن، لدينا مجتمع متعلم ومثقف ويعرف جيدا حاجات منطقته، كما أنهم يمتلكون أفكار ومشاريع ريادية، ولكن ينقصهم الدعم والتنظيم والتمويل، وبالمقابل البنوك الاردنية لديها المال، ولكنها ترغب في التعامل مع جهة آمنة ومنظمة وتفضل الابتعاد عن المخاطر، هنا يأتي دور الحكومة كضامن وهي قادرة على تنظيم هذه العملية، فالدعم والتنظيم والأمان من طرف الحكومة يتمثل في البنك المركزي الذي يصدر السندات، والتمويل من طرف البنوك التي تشتري السندات من البنك المركزي الأردني، والبلديات حلقة الوصل بين المجتمع المحلي من جهة وبين البنك المركزي الأردني والبنوك من جهة أخرى، والأفكار والمشاريع الريادية تكون من طرف المجتمع المحلي، فتكتمل الدائرة التنموية ما بين المجتمع المحلي وتشاركية القطاع العام والخاص. 
 
 
ولكن يبقى تساؤل، هل هناك خيارات أخرى غير السندات، وذلك لأن السندات تقوم على معدل الفائدة، ونحن كمجتمع مسلم نرغب أن تكون المشاريع بإطار إسلامي، والخيار الأمثل في هذة الحالة يكون بإصدار الصكوك الإسلامية حيث أنها تعتبر مخرج مالي وشرعي، فالصكوك الإسلامية هي مزيج بين الأسهم والسندات، تحقق أرباح لحامليها وتتحمل درجة مخاطرة ولكنها بما أنها ستكون مضمونة من الحكومة فستكون مخاطرها قليلة، كما أن لها فترة إنتهاء، وهذا يقودنا إلى سؤال آخر، هل تستطيع البنوك غير الإسلامية شراء هذه الصكوك؟ نعم تستطيع، بإمكان البنك المركزي الأردني أن يسمح الى البنوك التجارية أن تفتح نوافذ إسلامية تمكنها من شراء هذه الصكوك الإسلامية. 
 
 
بهذه الطريقة، وبهذا الأسلوب نكون قد إستفدنا من أفكار المجتمع المحلي بتنفيذ أفكارهم على أرض الواقع والى حيز التطبيق، وقمنا بضخ سيولة نقدية، وأنشأنا مشاريع ذات جدوى مالية في مناطق مختلفة من المملكة، وساهمنا في التخفيف من نسبة البطالة بتشغيل العاطلين عن العمل، وضيقنا الفجوة بين الدورة النقدية والدورة الإنتاجية الذي يعاني منها الاقتصاد الأردني، والذي يؤدي في النهاية الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ولكن يبقى الحديث عن آلية التشاركية وكيفية اختيار المشاريع، هذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد