من هم الأعلى ثقة عند الأردنيّين ؟

mainThumb

02-06-2021 11:19 AM

المعلمون، وأساتذة الجامعات، والجامعات الأردنية الرسمية، كأفراد ومؤسسات(مدنيّة) يحظون بأعلى نسبة ثقة لدى المواطنين الأردنيين، بعد أن حلت مؤسسات الجيش، والأمن، والمخابرات في المقدمة بنسبة تدور حول (83%)، هذا ما كشفه تقرير استطلاع "رأي الأردنيين" الذي نفذه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، واختفى عند أغلب المتابعين والمعلقين.
 
وحلّ المعلمون (64%)، وأساتذة الجامعات (63%)، والجامعات الأردنية الحكومية (60%)، في مقدمة المؤسسات المدنيّة والأفراد في منسوب/درجة الثقة، وسط تعمّق أزمة الثقة الشعبية بالمؤسسات التشريعيّة والتنفيذيّة، وعدم الرضا المجتمعي العام، وتراجع شامل اجتاح معظم الجهات والمؤسسات الحكومية، في حين جاء القضاء في المركز السابع بنسبة ثقة (54%)!، ثم الأئمة وعلماء الدين (47%)، والحكومة (35%)، ومجلس النواب (26%). كما جاءت مختلف الجهات والقطاعات التالية دون الخمسين% في منسوب الثقة من:النقابات المهنية (المهندسين، والأطباء والمحامين)، ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة، ومؤسسات المجتمع المدني.
 
لكن، المثير للانتباه، أن هذه النسبة "الجيدة" و"الثقة الغالية" التي تؤكد أن الغالبية من المواطنين الأردنيين تثق بالمعلم، والأستاذ الجامعي، والجامعات الرسمية الأردنية تم تجاهلها، ولم تثير أحدًا، حتى أن المركز الذي أصدر التقرير، وهو جزء من جامعة حكومية رسمية كبيرة، ويديره أستاذ جامعي، لم يناقش هذه النسبة في نص التقرير المنشور على موقع المركز، أو في استضافة تلفزيونية على قناة المملكة، ولم تُناقش أو تحتفِ أية جامعة رسمية بهذه النسبة.
 
"كسب الثقة" مسألة في غاية الأهمية في القطاع العام وقطاع الأعمال، ولكن ما الذي يجعل هذه النسبة من الثقة "غالية جدا" في هذه الفترة، أولًا:لأنها تأتي في ظل تهاوي ثقة كثير من الأردنيين بمعظم مؤسسات الدولة خاصة المدنيّة منها وصل في بعض الحالات إلى "حالة من العداء" مع الحكومة ومعظم ما ينتج عنها وفق تعبير أحد الكتاب الصحفيين، وثانيًا: انتشار حالة عامة من التشاؤم والتقييم السلبي في الشارع الأردني.
 
هذه النسبة العالية من منسوب الثقة بالمعلم والأكاديمي الأردنيَّين، والجامعة العمومية الأردنية، تناقض تقييم المواطنين الأردنيين، للنظام التعليمي ككل حين يضعه الأردني في درجة منخفضة وفق "درجة شعوره بالفخر والاعتزاز" بانجازات وأداء الأنظمة المختلفة إذ يضع الأردني أداء الأجهزة والقوى الأمنية، والنظام القضائي، والصحي في مراتب متقدمة. ومَرد ذلك إلى انعدام الثقة التامة، وغلبة التقييمات السلبية لكل ما هو رسمي، وحكومي، وعمومي، فالمعلم والأستاذ الجامعي كأفراد ومهنيين يثق بهم الأردني، وربما يعفيهم من مسؤولية تراجع نظام التعليم العام والعالي بل يلقي بالمسؤولية بذلك صراحة ووضوح على الحكومة، وكبار موظفي الدولة وعلى السياسات والإجراءات الرسمية/الحكومية.
 
المعلمون، كانوا "أقل المتضررين" خلال جائحة كورونا وربما "أكثر المستفدين" منها، ولكن مع ذلك حظوا بـ"أعلى نسبة ثقة" بين الموظفين العموميين المدنيين، ربما يعود جزء من ذلك إلى موقفهم الصلب في مواجهة الحكومات السابقة والحالية، وأي موقف مقابل الحكومة، تكون الناس في صفه.
إذن يبقى أساتذة الجامعات كأفراد، والجامعات حكومية (الرسمية) كمؤسسات، تحوز على "درجة ثقة" جيدة لدى الأردنيين، مع أن هذه المؤسسات لا تحظى بذات الثقة لدى الدولة مع أنها جزء منها، ولا من مؤسسات الدولة التي من الممكن استثمارها كداعم للقرار وخزان أفكار Think Tank، بل ربما نستطيع القول أن مؤسسات التعليم العالي تعاني من "تهميش" مُزمن "وأحيانًا "تهشيم" أو "إهمال" مُتَعمد، وتعد الحكومة، الجامعات أحياناً مؤسسات تابعة لها "تبعية سلبية"، وهناك من يرغب أن يُديرها عبر "مجموعة واتساب"، على سبيل المثال قد يكون أخر لقاء جمع رئيس وزراء بعدد من أساتذة الجامعات أيام حكومة عبدالله النسور ومن أجل قضية "بحث" رفع الدعم عن الخبر!، وأخر لقاء جمع وزير تعليم عال مع أساتذة الجامعة الهاشمية أيام وزارة د. وليد المعاني قبل (11) سنة، لـ"بحث" المشاركة في انتخابات مجلس النواب السادس عشر العام 2010. يعني تبحث الحكومة عن الجامعات وأساتذتها عندما تُريد: المكان المُريح، والتجمع السهل، والحشود الكبيرة.
 
الحكومات والأجهزة الرسمية التي استماتت لتبقي الجامعات العامة وأساتذتها في جيب الحكومة، هبطت بسمعتها، وأضرت بصورة الجامعات أيضًا.
 
فالجامعات الحكومية وبعض أساتذتها، أعجبتهم حكاية النأي بالنفس عن كل القضايا الوطنية الكبرى، والتواري عن أنظار الشجون العامة، وابتعدوا عن المشهد، أو أبعدو، وتسابقوا على مناصب ومواقع ولجان هامشية، أكاديمية أو وزارية مؤقتة، وبذلك خسرت الدولة "جزءا من عقلها"، وبعضًا من "ضميرها"، وفقدت "بصيرتها"، واستبعدت الدولة/الحكومة "خزان أفكار" لا بأس به، والآن تجني شوك الشك وانعدام الثقة لكل ما يمت للمجال العام المدني بصلة.
 
ولم تعِ الجامعات الرسمية قيمتها الفكرية، ودورها التنموي، ومكانتها العلمية في المشهد العام الأردني، وأُقنِعَت أو اقتَنَعَت بدور التابع، ومارسته بكفاءة وفاعلية وحرص، فعلى الرغم من وقائع وأدلة التراجع في النوعية والجودة في مخرجات التعليم العالي، ومعاناة الجامعات الرسمية من كل أمراض القطاع العام، إلّا أن "الجامعات الرسمية" كان لها، وما يزال، دورًا  وطنيًا علميًا واجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا كبيرًا، فعملية الصهر الاجتماعي، والتثقيف العام، وتخريج الكفاءات وإيجاد فرص العمل على قلتها، وإنتاج المعرفة والبحوث على ضعف بعضها تبقى الجامعات روافع تنموية لا تفقد قيمتها أبدًا.
النتيجة النهائية: (-60) للحكومة مقابل (+60) للجامعات الرسمية، الحكومة ترسب في اختبار "ثقة الأردنيين"، والجامعات الحكومية وأساتذتها والمعلمون يظفرون بها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد