صفحة من كتاب كليلة ودمنة

mainThumb

27-09-2022 02:53 PM

باب بنات ٱوى والضباع

قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف، كيف يودي طمع الرجل بالمكانة التي يعطيه إياها من لا يعرف مكانته فيخسر نفسه وذكره بين الناس..
قال الفيلسوف اعلم يا مولاي أنه حدث في
محمية "ماساي مارا" في كينيا أمر عجيب، حيث انفردت بنات ٱوى في السيطرة على مساحة من المحمية، بعد أن أبعدت الأسود والنمور عنها، و استعملت الحيلة مع من بقي من الحيوانات حتى غيبتهم عن ما يحصل في المحمية، واتخذت من الضباع خداماً ينفذن أوامرها ويبطشن بكل من تسول له نفسه الاعتراض على سيطرتها، فكانت تختار أكثر الضباع شراهة وطمعاً، فتقربة منها وتوليه على الحيوانات المغيبة، وتتركه يفعل ما يشاء وهي مع ذلك تراقبه وتعد عليه أخطاءه، فإذا حان أجله تخبر أبناء جنسه المقربين منها بأخطائه وتخيرها بمعاقبته كونه لا يشرّف جماعة الضباع المخلصة ولا يمثل الحيوانات المغيبة والطيبة!.
فكانت خطتها أن تقرب شرهاً مغموراً، لا يعرف خطتها في تمرير حقدها وفسادها من خلاله في حين تبقى هي نظيفة شريفة، فتمد له من أسباب القوة والمنعة والمال، حتى يظن أن هذا النعيم لا يعتريه الزوال، فإذا نفّذ كل ما تمليه عليه وانتهى دوره نفذوا فيه حكمهم القاسي..
فبعد أن رفعوه إلى عنان السماء، حتى استمع إلى الملأ الأعلى، وظن نفسه أسداً هصوراً، انحطوا به إلى أدنى الأرض ليتندر عليه السوقة، ويقذفه السفهاء بالحجارة، فلم يٓجنِ من شرهه وطمعه الا أنهم رفعوه للناس ليروا مساوئ نفسه ويصبح غرضاً لهم يرمونه بكل قبيح، وهم في مأمن من سخط الساخطين..

قال الفيلسوف: وهكذا يا مولاي مصير من يُستٓعمل في عمل وهمّه الأول والأخير كيف يشبع غرائزه ويملأ بطنه دون الإلتفات إلى المصلحة العامة، وحساب العواقب..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد