صحيفة السوسنة الأردنية

هناك أيام فارقة في حياة الشعوب والأمم ومن هذه الأيام نجد يوم الكرامة (وقعت معركة الكرامة ) في 21 آذار/ مارس 1968، في داخل ومحيط بلدة الكرامة الأردنية الصغيرة، في غور الأردن شمالي البحر الميت . وقد دارت المعركة، التي كانت أول غزو إسرائيلي كبير لأراضٍ عربية منذ نهاية حرب عام 1967 ، بين القوات الإسرائيلية الغازية ومجموعة مشتركة من مقاتلين فلسطينيين (فدائيين) وقوات من الجيش العربي الأردني.
وعلى رغم أن الجيش الإسرائيلي نجح في تدمير قاعدة الفدائيين في الكرامة، فإنّه تكبّد في هذه العملية خسائر فادحة نسبياً بالمقارنة مع خسائره في حروبه السابقة.ومع ذلك فإن الكثيرين من المحللين اعتبروا معركة الكرامة انتكاسة إسرائيلية ونصراً -وإن معنوياً- للعالم العربي، ولا سيّما للفلسطينيين. وكانت هذه المرة الأولى منذ حرب حزيران .
وليس هذا موضوعنا ،فيوم الكرامة العربية مشهور وهناك يوم آخر في تاريخ اليمنيين يكتسب أهميته لارتباطه ببناء أول جامع وهو ( جامع الجند) نسبة لمخلاف الجند في( تعز ) ويسمى أيضا جامع معاذ ابن جبل نسبة لمؤسسه معاذ ابن جبل رضي الله عنه رسول رسول الله الى اليمن ، ويسمونه اليمنيون ب(يوم الكرامة ) لأن الله أكرمهم بالإسلام وعزهم بالإيمان ،وشرفهم بقدوم رسول رسوله (صلى الله عليه وسلم ) ،وبهذا فليفخروا وليبتهجوا
وهو اليوم الذي يوافق (أول جمعة من رجب ) عندما وصل فيه الصحابي الجليل معاذ ابن جبل ، سنة ( 6هـ ) وقيل في السنة التاسعة للهجرة (1) وصلى بهم اول جمعة
ولذلك يبتهج اليمنييون بهذا اليوم ، أما في الأوساط العربية فربما القليل من يعرف عن هذ اليوم، وتتعاضد الأحاديث في قصة ارسال سيدنا معاذ ابن الجبل (رضي الله عنه ) إلى حد الشهرة ،وكان معاذ رضي الله عنه عالما فقيها قاضيا كما دل عليه حديث الإمام أحمد كيف تصنع إن عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بما في كتاب الله . قال : " فإن لم يكن في كتاب الله ؟ " قال : فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : " فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ " . قال : أجتهد برأيي ..الخ (3)
وروى البخاري
، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : « إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب »(3)
أما قصة وصوله إلى اليمن فقد حط رحاله في محافظة تعز بمنطقة الجند تبعد عن مدينة تعز (20كم ) وأسس مسجد الجند المشهور ، ومن الأمور اللافتة للنظر أن وضع القبلة كان دقيقا جدا ويروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له حيثما تبرك ناقتك في موضع اسمه الجند فضع المسجد وضع قبلته حيث توجه الناقة وجهها ،وقد حصل في مدينة تعز لغط حول اختلاف جهة القبلة في مساجد المدينة ،وبعد أن تم ملاحظة عدم توافق المساجد في اتجاه القبلة ،سعى مكتب الأوقاف إلى تصحيح اتجاه القبلة وفقا لمسجد الجند الذي وضعه معاذ ابن جبل وعمم على جميع المساجد ,وقد شاهدنا تعجب المستشرقون الذين يزورون هذ المسجد بعد أن يضعون بوصلة القبلة ويرون التطابق الدقيق جدا بين احداثياتها وما هو على الواقع في المسجد ،وهذ المسجد احد أهم الإرث النبوي الذي ورثه اليمنيون الى جانب ثلاثة مساجد أخرى وهم المسجد الكبير في صنعاء ،ومسجد في حضرموت ،ومسجد ابي موسى الاشعري في تهامة ,
فالحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان نسأل الله أن يجعلنا أهلا للعمل بمقتضى هذه الرسالة ويوفقنا وكل أبناء اليمن والمسلمين لكل صالحة ويخرجنا من هذا التشرذم والحرب والتمزق ونسأل الله أن يعجل لنا بالفرج واللطف
اللهم احيينا مؤمنين وتوفنا مسلمين وابعثنا من الآمنين والحقنا بالصالحين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما إلى يوم الدين .
......
الهامش :
(1)ثم أعاد الحسين بن سلامة (317-402هـ) بناء للجامع، ويقال إن الحاكم الصليحي (المفضل بن أبي البركات) هو الآخر قام بأعمال إنشائية للجامع، وقد تعرَّض للهدم أيام مهدي بن علي بن مهدي الرعيني الحميري عام(558هـ) ثم أعاد الحاكم الأيوبي سيف الدين أتابك سنقر بناءه عام 575هـ نقلا عن مقال ( جامع الجند) نشرته الثورة نت بتاريخ .( ...) انظر البداية والنهاية كثير جزء/صفحة:379
" » بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن قبل حجة الوداع ، يدعونهم إلى الله عز وجل
(2) رواه أحمد ، عن وكيع ، وعن عفان ، عن شعبة ، بإسناده ولفظه ، وأخرجه [ ص: 389 ] أبو داود والترمذي ، ..... ، عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ به نحوه)
(٣) وقد أخرجه بقية الجماعة من طرق متعددة .