عيـد الأم

mainThumb

17-03-2023 10:41 PM

تحتل الأم مكانة عظيمة في قلوب البشرية, كما تحتل أشتال زهرة اللافندر ومعانيها العميقة مساحات شاسعة من الأرض الخصبة, فهي الوطن الكبير الذي يحتوينا, لقد لعبت دوراً بطولياً وساهمت بصقل شخصية كل فرد في عائلاتنا, أنها ضحت بالغالي والنفيس من أجل أن نكون نحن كما تتمنى لنا, الأفضل بكل شيء.
أنها الوطن الآمن الذي يتسع للجميع دون تذمر أو تأفف, أنها شلال العطاء الذي لا ينضب ماؤه, فبأي حق يكون تكريمنا لها وهي من كانت كريمة معنا إلى أبعد ما يكون, فلكل أمهات العالم نهدي بطاقة حب وتقدير واحترام, ولكل أعياد العالم أنتِ فكوني بخير ما بقى الكون عامر.
تلك اليد صنعت من جسدها الغض مأوى لنا, كلما اشتد الطلق صرخت يا رب, للمولود الذي منحته حياتها, ممزقة الأحشاء, تنزف الروح, فطاب لها الموت كالقط بسبعة ارواح كلما اشتد الطلق, زادت صرخاتها يا رب.. لكنها تنتظر بقلبٍ فرح صرخته, همدت أخيراً ثورتها, ترخي جسدها الذي تمزق ونزف, تحركه ذات يمين ويسار تمزق حلماتها الندية لتجهش بحليب بكر, الأم التي تهتكت, تطير من عينها الفرحة توزعها على خرير دموعها الناشفة, تقسم أن اليوم فقط ستهديه حياتها مضحية, تمزقها أسنانا صغيرة كقطط لا رحمة تعافها من أجل خواء أمها التي كانت فتية, غير راغبة بالامتنان للتي ضحت يوماً, سهرت حتى كانت عيناها حارساً بعد عين الله تعالى, تلك التي ليس كمثلها شيء بالعطاء والسخاء والتضحية, فكما قال مصطفى صادق: "أنت النقص كله مع الذات الدنيا, وأنت الكمال كله مع آلامها".
وبدت أيام عمرها تشيخ تتحول إلى شبح, تتسلل التجاعيد لترتشق على كفي يديها, فلا أنت ملام ولا هي خائنة لأمومتها. فالرحمة والخلود لأمهاتنا اللواتي كنَّ شمعة تحترق لتنير الدرب. أما الآن في برزخ ونعيم عند ربّ غفور, فيا رب رحماك بأرواح فارقتنا فهي السكن الأنيس لأوجاعنا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد