سلسلة توثيق بني كنانة لواء الثقافة الاردنية-2023 .. صور

mainThumb

29-03-2023 02:44 AM

بلدة سمر .. الوادي العتيق .. شهداء اليرموك.. أرض تيراروزا .. طواحين ماء .. معاصر زيتون .. ومساجد راشدية واموية .. ومتحف أثري بديع

سمر اول مركز اداري للواء منذ تأسيس الإمارة وحتى نهاية ثمانينات القرن العشرين .. سمر تنوع سكاني يضم 20 عشيرة تعايشت بسلام منذ القديم.
وادي سمر نشأت الحضارات على ضفافه عبر العصور، ومن ثم وهو منافس ومكمل لكل الأودية مثل أودية قويلبة، وخرجا والشلالة، وأم قيس ..إلخ.
مُتحف أثري
المكتشف فقط من آثار الحضارات التي نشأت منذ استوطن الانسان المنطقة، في أودية سمر وقويلبة والشلالة، يعادل الآثار الموجودة في دول كثيرة، لكنها منطقة مهملة، ففيها معالم أثرية واضحة للعيان، ما زالت غير مسجلة لدى الجهات الرسمية، ما يستدعي تكثيف الجهود لإعادة الاعتبار لما بَنى وشيّد الانسان عبر العصور في هذه المنطقة.
المنطقة تزخر بالآثار المختلفة، من أنفاق مائية، إلى كنائس ومعابد ومساجد تاريخية، إلى معالم حضارية أخرى، كالمرافق العامة، وشوارع الأعمدة، وغيرها، ما يجعل المنطقة مُتحفا أثريا حضاريا.
البداية
طريق الوصول إلى سمر ووادي سمر، من اربد يبدأ عبر مثلث سما إلى مثلث كفرسوم ثم الى سمر، وهي مسقط رأسي وطفولتي.

يمتد وادي سمر من نقطة التقاء أراضي قرى إبدر وكفرسوم وسمر، وتشتهر نقطة الإلتقاء هذه بوجود حوالي ثمانٍ من عيون الماء العذب فيها، منها عين أم الحراثين، وعين النسوان ، يبدو أنها كانت مخصصة لاحتياجات النساء الخاصة، وعين السكر. يمتد الوادي بحدود 22 كم، مياهه ظلت تصب في نهر اليرموك، فالرسوبيات في أرض الوادي تدل على أن جدولا، أو سيلا، أو نهرا صغيرا، ظلت مياهه تجري في هذا الوادي، لكن للأسف فقد جفت معظم الينابيع التي كانت تغذي هذا الجدول بالمياه، ولم يعد الجدول جدولا، ولا الينابيع ينابيعا، رغم أن بعضها ما زال قائما، لكن مياه بعضها باتت تتدفق بخجل، بعد أن كان هديرها، في فصل الشتاء يسعد الفلاحين.
الحمراء
عند التقاء وادي سمر بنهر اليرموك تجد الأرض على جنبات الوادي، وقد اكتست تربتها باللون الأحمر القاني، نظرا لارتفاع كمية أكاسيد الحديد فيها، وهذه الأكاسيد تشكلت من وجود معدن "الهيماتيت" بكثرة في التربة، واسم معدن "الهيماتيت" جاء من اسم كريات الدم الحمراء في الدم "هيموجلوبين".
غنى تربة وادي سمر لم يأت من مكوناتها فقط، بل من كثرة الينابيع، التي ظلت مياهها تتدفق بكثافة، إلى أن حلت سنوات الجفاف العجاف، فمن أصل أكثر من 50 ينبوعا كانت تعمل بكفاءة إلى سبعينيات القرن الماضي، لم يتبق منها سوى 12 ينبوعا تعمل اليوم.
أنفاق
الأهالي في العصر الروماني استثمروا مياه ينابيع وادي سمر بكفاءة عالية، فقد حفروا حول هذه الينابيع أنفاقا مائية تتراوح أطوالها بين 10 إلى 100 متر، واعماقها بحدود ثلاثة أمتار، وعرضها بحدود 1.5 متر، وذلك لزيادة تغذية الينابيع والعيون بمياه اضافية.
انفاق ينابيع وادي سمر ما زالت شاهدا على أطلال الينابيع التي جفت، وشاهدا على عبقرية الانسان، وقدرته على توظيف المتاح في بيئته، لخدمة نفسه، وعلى أن الفرصة ما زالت قائمة لاستعادة المنطقة حيويتها، التي فقدتها بجفاف ينابيعها وهذه الإنفاق جزء من نفق اليرموك-ديكابولس.

تيراروزا : TERRAROSA
أرض وادي سمر الخصبة جزء من تربة حوض البحر الأبيض المتوسط، التي يُطلق عليها اسم "تيراروزا" TERRAROSA، وهي تربة شديدة الخصوبة.
زاد من خصوبة أراضي وادي سمر والمناطق المحيطة، هواء عليل، ظلت نسماته عند الشروق والغروب، تحمل معها رطوبة، أخذتها وهي تمر فوق نهر الأردن، وبحيرتي طبريا والحولة قبل أن تجفف، ما أسهم بشكل فاعل في نمو أشجار وادي سمر، وأشجار المناطق بالجوار.
الطبيعة في وادي سمر خلابة، بديعة، تضاريسها متنوعة، سهل فوادٍ، فشِعْب فوادٍ من جديد، فأخاديد، فهضاب منبسطة، فأودية، وهكذا دواليك، ولعل مئات آلاف الأشجار الحرجية المنتشرة في محيط وادي سمر، أشجار من البلوط، والخروب، السنديان، والزعرور، وغيرها، تزيد من سحر المنطقة، وجمال الطبيعة فيها، ويفسر سر اهتمام الانسان بها منذ القدم، واستيطانه فيها.
الطواحين
من العيون التي ما زالت تعمل بكفاءة في وادي سمر عين المنقاة، وكذلك العين الفوقا والعين التحتا، وعين الهيدبان، أو "نبع الطواحين، كما يطلق عليها بعض أهل القرية، والاسم جاء من 3 طواحين مملوكات لجدي الشيخ أحمد ملاعبة، بقين لغاية منتصف القرن الماضي يعملن، حتى أنهما معروفات في المنطقة بطواحين الملاعبة.
الطواحين رغم أن الزمن أكل عليهما وشرب، ما زالتا بحالة جيدة، ويمكن اعادة تأهيلهما، ليعملا في اطار تسويق المنطقة سياحيا. الطاحونة القديمة تعود إلى مطلع القرن السابع عشر الميلادي، ،اما الثانية فقد بناها جدي مطلع القرن الماضي.
والثالثة فيها ميزة أن جزءا منها محفور في الصخر.
الرحى
مياه عين الهيدبان تسيل في قناة أفقية بجانب الوادي، إلى أن تلتقي بقناة أخرى متعامدة مع الأولى، إذ تتدفق المياه من القناة العمودية بقوة، حتى تصل فتحة قطرها بحدود نصف متر، فتندفع المياه منها بفعل الجاذبية الأرضية، لتسقط على قطع حديد ملتصقة بشكل مائل بناعورة صغيرة، متصلة بعمود معدني مرتبط بدولاب مثبت بشكل عمودي، يدور بسعة كبيرة، محركا دولابا آخر، مثبت أفقيا، متصل بالأول، في منتصفه عمود معدني قطره 25 سم، وطوله مترا ونصف المتر تقريبا، متصل بحجارة الطحن العلوية المتحركة، التي تدور فوق أحجار طحن أخرى ثابتة، لتشكلا معا ما يعرف بالرحى.
دوران حجرا الرحى بفعل القوة الميكانيكية المتأتية من سقوط المياه على الناعورة، يطحن الحبوب بأنواعها، طحن خشن أو ناعم، حسب الطلب، فكل ما يلزم لتحويل عمل الطاحونة من الخشن إلى الناعم، وبالعكس، هو تغيير المسافة بين حجري الرحى، وبشكل فإن الناس كانوا يطحنون في مطحنة جدي القمح والعدس والحبوب المختلفة.

شجرة البلوط أو الكينا
اسم سمر البلدة والوادي له روايتان، أولهما أن الاسم جاء من سمر العابدين من أهالي المنطقة تحت شجرة بلوط أو كينا قديمة ما زالت باسقة، رغم عمرها المديد، فأهالي المنطقة ظلوا معروفين بأنهم من أصحاب الطرق الصوفية، ولعل هذا ما يفسر اطلاق اسم سمر العابدين على بلدة سمر، كما عُرفت باسم سمر الكفارات، والكفارات من مفردها "كَفْرْ"، وهي كلمة آرامية تعني الأرض الخصبة، وثاني الروايتين، وأنا أرجح صحتها، أن الاسم جاء من سمار الكبد، نسبة إلى تربة المنطقة السمراء،وسمر تتبع إداريا للواء بني كنانة، وسمي بهذا السم نسبة إلى قبيلة كنانة بن خزيمة، التي جاءت من الجزيرة العربية واستوطنت المنطقة، التي أخذت اسم بني كنانة من أجداد الأهالي فيها.
وفيها علماء تخرجوا من جامعة الازهر الشريف منهم الشيخ حامد العمري مع بداية القرن العشرين واقدم الأطباء منهم د. ابراهيم السعدون الذي تخرج من جامعة دمشق عام ١٩٣٨.
واشتهرت سمر بكتابها وادباءها ومنهم المرحوم عبدالحليم ملاعبة الذي ألف أكثر من 25 كتابا أهمها عام ١٩٥٦ اول كتاب في علم الفلك في الوطن العربي وايضا الكاتب والصحفي فرحان سعيفان (كتاب حكاية المدينة) وغيرهم الكثير في الألفية الجديدة.
ومن شعراء سمر البروفيسور احمد ملاعبة والاستاذ احمد الكناني.

الآثار
نستدل على تاريخ الاستيطان البشري في المنطقة من كثرة الآثار، التي تزخر بها المنطقة، ففي المنطقة بقايا معابد رومانية، معظمها غير مسجلة لدى دائرة الآثار العامة، وفيها مغاور أم الطواقي التي سبق وتناولتها في مادة سابقة من السلسلة في مقال مغارة ام الطواقي، وهي أيضا غير مسجلة لدى الجهات الرسمية، وكان أحد السكان قد اكتشف وهو يبني منزلا له أرضية فسيفسائية بديعة التكوين، مساحتها بحدود 30 مترا، تعود للقرن السادس الميلادي، نقلتها الجهات المعنية من وسط المساكن إلى مكان آخر، وتلى اكتشاف هذه الأرضية، اكتشاف أرضيات أخرى من الفسيفساء اكبر مساحة وهناك ارضيات فسيفائية في منطقة حلبنا وجلجلا وهناك بقايا مسجد اموي في جلجلا.

شهداء اليرموك
الأهالي في سمر يدفنون موتاهم في مقبرة تحوي بباطن أرضها جثامين حوالي مئتي شهيد من شهداء معركة اليرموك، وذلك تقربا إلى الله.
لواء بني كنانة وردت في الحديث النبوي، حينما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم، جيش أسامة بن زيد بقوله: "لا تعودن الا ان تطأ أقدام خيولك أبل الزيت" و أبل الزيت هي لواء بني كنانة، فالٱبل هو المكان الكثير الزيت، وأما سمر فقد ذكرت في السجلات العثمانية في نهاية القرن السادس عشر باسمها الحالي سمر، وجاء أن سكانها 246 نفرا حسب النص.

الرمان والزيتون

اشتهرت سمر بأشجار الزيتون والرمان والتوت، ورمان سمر مشهور كرمان كفر سوم ورمان الريان، و يذكر أن وزن بعض حبات الرمان، خاصة السماري منه، كان يصل إلى أكثر من 3 كغم، لكن الأمر اليوم تغير بعد شح المياه، سنوات الجفاف التي تتالت في العقدين الأخيرين.
تتميز سمر كغيرها من القرى المجاورة بأشجار الزيتون المعمرة، فالزيتون زُرع في المنطقة منذ احتل الإغريق والرومان المنطقة، واستمرت زراعته في العهود الاسلامية، ففي المنطقة توجد أشجار زيتون يصل عمر بعضها 4 آلاف عام.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد