هل انتصرت غزة أم انهزمت؟

mainThumb

14-10-2023 04:15 PM


انتصرت غزة وانهزمت معًا!
نعم... انتصرت غزة بألف مقاتل، لكنها انهزمت بتخاذل ملياري عربي ومسلم، انتصرت غزة بثباتها وصبرها وجراحها وشهدائها، لكنها انهزمت بتشكيك وتحليل وتأويل المتشدقين الجالسين حول موائد الطعام، وشاشات التلفاز، يدخنون السجائر والأراجيل وينفثون سموم كلماتهم مع سموم دخانهم في فضاء ملوث بنعيق الغربان: أخطأ المقاومون... وقعوا في المصيدة... ولعل أعظم ذلك افتراء من نفخوا الأمة بالكلام، ولا شيء سوى الكلام، وهم يظنون أنفسهم على ثغر من الثغور، وعلى فهم ودراية، وهم في ظلام دامس يُخوّنون ويُثبّطون.

انتصرت غزة بعملها الموصول ليلا ونهارا فوق الأرض وتحت الأرض، حشد ورباط، إعداد وجهاد، وانهزمت بمن يسهرون الليل على توافه الأمور بكل أصنافها، وينامون النهار.

انتصرت غزة بالإعداد والتصنيع الحربي، وصناعة الرجال المجاهدين المقبلين، والقتال والمفاجأة والاستخبار العسكري، انتصرت بتلك المعنويات العالية المؤمنة الموقنة، بقيادتها الشجاعة، ببياناتها النارية قولا وفعلا، وانهزمت ببيانات الأمة التي لم تعد قادرة حتى على الشجب والاستنكار، انهزمت بالهرولة نحو التطبيع مع المحتل المغتصب القاتل الظالم.

انتصرت غزة بدماء وأشلاء أبنائها، وانهزمت بدموعنا، انتصرت بصواريخها التي وصلت شمال فلسطين، ومقاتليها الذين اقتحموا الباب وقاتلوا أمام وخلف صفوف العدو، ونصرتها للأقصى بطوفان جارف، وانهزمت بمظاهراتنا وصراخنا بالروح بالدم نفديك يا أقصى، انتصرت عزة بالإعداد، وانهزمت بدعائنا الذي لم يأخذ بالأسباب، انتصرت غزة رغم فقرها وحاجتها، وانهزمت بمالنا، لأن تقديم المال يكفي الخوالف، أما الرجال فيقدمون النفس والمال، "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ". [التوبة:111]، ثم نستنبط ألف عذر وعذر أن هذا أقصى ما يمكن تقديمه.

انتصرت غزة بنفسها وانهزمت بنا.

ليبقى السؤال المحير دائما: ماذا بأيدينا أن نقدم لغزة؟
اسمع الجواب من رب العزة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا۞ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ". [النساء:72].
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ۞ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". [التوبة:39].

هذا هو الجواب الذي لا نريده، ونلف وندور من حوله، الحل هو الزحف والنفير، وتذليل كل معوقاته، كما زحف ونفر كل أعوان العدو لنصرته.

أعلم أن المتخاذلين سيوجهون الأصابع نحوي: وماذا فعلت أنت؟ أنا أولكم تخاذلا، لكني استجمعت قواي لأجيب عن سؤال يتهرب الجمع من إجابته، إنه الزحف والنفير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد