كيف تصبح روائيًا نجمًا في شهر!
تذكرت هذه القصة المضحكة المبكية، وأنا منشغلة بدراسة ظواهر أدبية فاجأتني كما فاجأت الوسط الأدبي التقليدي، إن صحت التسمية، مثل أسامة المسلم الذي كتبتُ عنه في هذه الجريدة قبل شهر مقالا بعنوان «أسامة المسلم… محاولة لتفسير الظاهرة»، ومثل كتّاب منصة واتباد وبعضهم بلغت مبيعات كتبهم الورقية أرقاما لم يقترب منها كلّ نجوم الرواية العربية مجتمعين.
وللتعمق في فهم ما يحدث قررت الدخول إلى واتباد ( Wattpad) المنصة الأشهر التي انطلق منها هؤلاء النجوم، دخلتها وأنا الكائن الورقي المنتمي إلى جيل لا يزال يتحدّث بحنين عن ملمس الورق ورائحته، والفاصل الكرتوني الذي يحدد به أين وصل في القراءة، وأول ما شرعت في البحث صدمني عنوان مقالة «لماذا ماتت شعبية تطبيق الواتباد؟» فحدّثت نفسي متعجبة: التطبيق ظهر وانتشر وصار عجوزا وأنا لا خبر! وعرفتُ أن عمر المنصة الآن 18 سنة (أنشئت في 2006) أي السن التي يسمح فيها بالتصويت في أغلب بلدان العالم. ولمن كان مثلي لا يعرف الكثير عن «واتباد» هو «مكتبة رقمية متنامية باستمرار من الأعمال الأدبية لأصوات جديدة تستخدم التكنولوجيا، ما يعني أنه يمكن للقراء المساهمة بأفكار وتصويت واقتراحات لقصة شخص آخر، أثناء عرضها في مرحلة المسودة»، ووجدت تعريفا أبسط يقرّب فكرة هذا التطبيق فهو شبيه بالتيكتوك، لكن عوضا عن الفيديوهات نجد قصصا يكتبها صناع محتوى ويقرأها أشخاص ويتفاعلون معها.
وذهلت حين عرفت أن عدد زائري المنصة بلغ في شهر مارس/آذار الماضي 357 مليون زائر، 90% منهم ينتمون إلى جيل الألفية. وللمنصة علاقات شراكة وتعاون مع عمالقة الإنتاج التلفزيوني والسينمائي مثل شركة صوني (كولومبيا سابقا) ومنصة نتفليكس، وكبريات دور النشر العالمية مثل ماكميلان البريطانية، أو بنغوين الأمريكية. وطموحها لا يقف عند حد يقول مؤسسها ألين لاو ( Allen Lau): «ننتج كل يوم ملياري بيان ونستطيع التعرف جيدا على الملايين من التعليقات، ومعرفة أي جزء من الرواية يحصل على آلاف التعليقات، وأين سيلتقط القارئ الطعم وأين سيتركه»، وبمنطق الصيد هذا (التقاط الطعم) تقترح المنصة مسابقات وجوائز تحفيزية مثل اقتراحها تأليف رواية من 50000 كلمة للتنافس على جائزة بقيمة 25000 دولار، لكنها تشترط مواضيع محددة، ترى أن الإقبال عليها كبير وتحصد متابعات كثيرة مثل روايات الخيال الرومانسية وقصص مصاصي الدماء والمستذئبين، وكتابات الرعب وكل شيء يستهوي المراهقين، فهي تعرف جمهورها جيدا. و»واتباد» تذهب في طموحها أبعد مما وصلتْ إليه، حيث يمكن وصف الروايات التي تنشر فيها بالديمقراطية الإبداعية، فكل قارئ ناهيك عن الكتّاب يمكن أن يساهم في القصة، بل التطبيق نفسه يقدم اقتراحات، ونصائح للمؤلف لتحسين روايته بناء على خوارزميات قائمة على تعليقات آلاف من القرّاء، وليس من جنس الخيال العلمي، ما قاله صاحب التطبيق من أنه «سيتعين على الكاتب في المستقبل اختيار الإطار الأساسي للقصة، ثم سيقوم نظام البرنامج بوضع آلاف الاقتراحات من الأحداث، بأسماء وأماكن ومشاهد مختلفة»، بل يمكن أن يقترح القارئ الأحداث التي تناسبه ليحصل كل متابع على روايته المفصلة على قياسه.
دفعني فضولي لتتبع بعض نجاحات روايات تطبيق «الواتباد» وذهلت ثانية، وكنت مطّلعة على نجاح الروائية الجزائرية سارة ريفانس، بل أجريت في مقال كتبتهُ مقارنة بينها وبين ابن بلدها الروائي ياسمينا خضرا، وذكرت فيه كيف استطاعت هذه البنت ذات الأربع وعشرين سنة برواية واحدة «رهينة» أن تكون الكاتبة الجزائرية الأكثر مقروئية في تاريخ هذا البلد، متجاوزة خضرا الروائي الستيني، الذي أصدر أربعين رواية، بعضها لاقى نجاحا كبيرا فروايته «الاعتداء» تحولت إلى مسلسل على منصة نتفليكس وباع منها في فرنسا فقط 750 ألف نسخة. ولكن روايتها رغم أنها متاحة مجانا على «الواتباد» وقرأ جزءها الأول على الأنترنت 9 ملايين متابع، بيع منها حين نشرتها دار هاشيت ورقيا 700 ألف نسخة في أشهر قليلة.
لاحظت قاسما مشتركا في قصص النجاح (الواتبادية) فجميعها متشابهة لا تقوم على مراكمة الكتابة وسنّة التدرج الطبيعي وصعود السلم درجة درجة، بل هي أشبه بنظرية الانفجار العظيم(big bang) فسارة ريفانس كانت موظفة إدارية في قاعة رياضية في عاصمة بلدها، قبل أن يطير بها بساط سندباد إلى سماء الشهرة، وقبلها آنا تود صبية في الخامسة والعشرين من عمرها تقدمت إلى وظيفة عاملة في مركز اتصال، وحين رُفض طلبها حوّلتْ هوسها بموسيقى فرقة «وان دايركشن» إلى جلسة يومية طويلة لكتابة رواية تنشر منها كل يوم فصلا على منصة «واتباد»، وحينها حدثت المعجزة، إذ حصدت روايتها «لاحقا» أو «بعد» (after) مليار قراءة على شبكة الإنترنت، وشبهوها بالثلاثية الشهيرة «خمسون درجة من الرمادي» التي بيع منها 125 مليون نسخة، وبعد ستة أشهر فقط من النشر في المنصة تصبح «واتباد» الوكيل الأدبي لآنا تود وتؤمّن لها اتفاقا لتحويل ما تكتب إلى مسلسل من عدة أجزاء. وبعقد مزيّن برقم تليه ستة أصفار وبَيْعِ حقوق روايتها لـ23 بلدا تغيّر وضع الصبية المغمورة من حال إلى حال.
وقصة باث ريكلس لا تقل غرابة، فقد بدأت نشر روايتها «كشك التقبيل» على منصة «واتباد» وهي في الخامسة عشرة من عمرها فقط، فحين رأت أن قصص مصاصي الدماء والمستذئبين أصبحت مملة، ولم تجد ما يناسب ذائقة المراهقين مثلها، قررت أن تكتب لهم رواية، والذي حصل بعد ذلك أن بنغوين راندوم إحدى أعرق دور النشر الأمريكية تعاقدت معها على نشر الرواية وكتابة أجزاء أخرى، بل قررت منصة نتفليكس تحويل روايتها إلى فيلم لاقى نجاحا كبيرا، حدث كل هذا وباث ريكلس لم تبلغ السابعة عشرة من عمرها، أمَّا وهي الآن في التاسعة والعشرين فقد نشرت تسعة كتب ومن ضمنها روايتها الأشهر «كشك التقبيل» ذات الأجزاء الخمسة، مع أنها لا تعتبر الكتابة سوى نشاط جانبي غير أساسي، إذ لا تزال تعمل وهي خريجة فيزياء موظفةً بدوام كامل في مجال تكنولوجيا المعلومات لدى شركة طاقة في برمنغهام.
قصص النجاح هذه وكثير غيرها وإن بدرجة أقل، حفّزتني لتحميل التطبيق والقيام بسياحة لاكتشافه، وتأكدتُ بعد ساعات من التجوال ما وصف به الروائي واسيني الأعرج هذه المنصة حين كتب «عندما ندخل إلى منصة «واتباد» نضيع داخل غابة من النصوص، من القيمة المبتذلة حتى القيمة العالية. سوق كبيرة» وأزيد عليه أن النسخة العربية من التطبيق أسوأ من ذلك، فقد تعثرّت بكمٍّ هائل من القصص التي تدور حول الجنس وترجمات ركيكة جدا لقصص أجنبية، وكان البحث عن نص جيد يشدّني أشبهَ بالبحث عن الخِلِّ الوفي في المثل المشهور، وتحوّلّ عندي ( Wattpad) إلى تطبيقِ (that bad). وتأكدتُ مجددا أننا مستهلكين سيئين للتكنولوجيا.
خرجتُ من المنصة متجهة إلى مكتبتي لأبحث عن كتاب صديقي فقد كنت فعلا بحاجة إلى ملاذ آمن.
(القدس العربي)
 تراجع سوق الأسهم البريطانية مع افتتاح التداولات
تراجع سوق الأسهم البريطانية مع افتتاح التداولات
 ترامب وشي يتفقان على تعليق رسوم الموانئ التي تعرقل التجارة
ترامب وشي يتفقان على تعليق رسوم الموانئ التي تعرقل التجارة
 يوتيوب تطلق تحديثات ذكية لتطبيق التلفزيونات الذكية
يوتيوب تطلق تحديثات ذكية لتطبيق التلفزيونات الذكية
 كريم فهمي يخوض تجربة الأكشن الكوميدي لأول مرة
كريم فهمي يخوض تجربة الأكشن الكوميدي لأول مرة
 استشهاد فلسطيني وإصابة شقيقه برصاص الاحتلال شرقي غزة
استشهاد فلسطيني وإصابة شقيقه برصاص الاحتلال شرقي غزة
 تشكيلات إدارية في وزارة التربية… أسماء
تشكيلات إدارية في وزارة التربية… أسماء
 النخب المنعزلة والجيل الضائع: مَن يُصلح ما أفسدته القطيعة؟
النخب المنعزلة والجيل الضائع: مَن يُصلح ما أفسدته القطيعة؟
 الذهب يحافظ على مكاسبه ويرتفع للشهر الثالث على التوالي
الذهب يحافظ على مكاسبه ويرتفع للشهر الثالث على التوالي
 الدور الاقتصادي الغائب للسفارات الأردنية في الخارج
الدور الاقتصادي الغائب للسفارات الأردنية في الخارج
 انطلاق بطولة أيلة الآسيوية للترايثلون 2025 في العقبة
انطلاق بطولة أيلة الآسيوية للترايثلون 2025 في العقبة
 روسيا: مستعدون لاستئناف مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا
روسيا: مستعدون لاستئناف مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا
 مقتل رضيعة على يد طفلة داخل حضانة يثير الغضب
مقتل رضيعة على يد طفلة داخل حضانة يثير الغضب 
 أونور تستعد لإطلاق هاتف ببطارية 10,000 ميلي أمبير
أونور تستعد لإطلاق هاتف ببطارية 10,000 ميلي أمبير
 ارتفاع إجمالي الدين العام للأردن
ارتفاع إجمالي الدين العام للأردن
 تعهد بـ 50 ألف دينار لمرتكب هذه المخالفة
تعهد بـ 50 ألف دينار لمرتكب هذه المخالفة
 وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً ..  أسماء
وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً ..  أسماء
 عقوبة مرور المركبة دون سداد رسوم الطرق البديلة
عقوبة مرور المركبة دون سداد رسوم الطرق البديلة
 محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب  ..  صور
محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب  ..  صور
 وثائق رسمية تكشف مبادرة نجاح المساعيد بالطلاق
وثائق رسمية تكشف مبادرة نجاح المساعيد بالطلاق
 ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن  ..  تفاصيل
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن  ..  تفاصيل
 أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات  ..  فيديو
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات  ..  فيديو
 أسباب ظهور بقع حمراء على الجلد مع حكة
أسباب ظهور بقع حمراء على الجلد مع حكة
 زيارة أنس الشايب إلى الجزائر تشعل الجدل على السوشال ميديا
زيارة أنس الشايب إلى الجزائر تشعل الجدل على السوشال ميديا
 عقوبات بحق أشخاص تعدوا على مسارات آمنة بعمّان
عقوبات بحق أشخاص تعدوا على مسارات آمنة بعمّان
 الكلية العربية للتكنولوجيا تنظم ورشة عن إدارة العمليات السياحية
الكلية العربية للتكنولوجيا تنظم ورشة عن إدارة العمليات السياحية



 15-07-2024 01:05 AM
 15-07-2024 01:05 AM 
