الأردنية .. إنجاز وطني لا سقف له

mainThumb
الجامعة الأردنية

20-05-2025 01:52 PM

في عصر تتسابق فيه الجامعات لإحراز الأرقام وتصدر التصنيفات، تتقدّم الجامعة الأردنية بثبات وثقة، ليس فقط من خلال الكمّ، بل من خلال الجودة، والتأثير، والرؤية. ففي عام 2024، ورغم الإنجاز البارز لجامعة العلوم والتكنولوجيا التي بلغ عدد أبحاثها المنشورة حوالي 3000 بحث، فإن الجامعة الأردنية تجاوزت هذا الرقم، مسجلة 3065 بحثًا علميًا، بزيادة مقدارها 600 بحث عن العام السابق، لتثبت أنها لا تشارك في السباق فحسب، بل تقوده نحو آفاق جديدة.

لكن التميّز الحقيقي للجامعة الأردنية لا يُقاس بالأرقام وحدها، بل بمستوى النشر العلمي وجودته. فحسب الإحصاءات، فإن ما نسبته 80% من هذه البحوث نُشر في مجلات عالمية مصنفة ضمن الفئتين Q1 وQ2، وهو ما يعكس حضورًا بحثيًا مؤثرًا في منصات العلم الدولية. كما بلغ متوسط الإنتاج البحثي 2.5 بحثًا لكل عضو هيئة تدريس، في جميع الكليات، من الإنسانية إلى العلمية إلى الصحية، وهو معدل يفوق ما تحققه الكثير من الجامعات الإقليمية والعربية.

هذا التقدّم لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة منظومة تعليمات رائدة تم اعتمادها في الجامعة وتم تحديثها وتجويدها خلال الاربع سنوات الماضية (في عهد ادارة معالي ا د نذير عبيدات ) ، صُممت بعناية لتحفيز البحث العلمي واحتضان الإبداع الأكاديمي. ومن أبرز ما يميّز هذه التعليمات أنها لا تقتصر على فئة معينة من الأكاديميين، بل تشمل أيضًا المحاضرين المتفرغين، الباحثين الزائرين، والطلبة من مختلف المراحل الدراسية، في إطار رؤية شاملة تؤمن بأن البحث العلمي مسؤولية جماعية.

أما النقطة التي تُحسب بشكل خاص لصالح الجامعة الأردنية، فهي ميزة عدم وجود سقف محدد لمكافآت النشر العلمي، بخلاف ما هو معمول به في جامعات أخرى مثل جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، حيث يُحدد السقف السنوي لمجمل مكافآت الباحث بـ 20 ألف دينار فقط. في المقابل، تمنح الجامعة الأردنية مكافآت مفتوحة دون حد أعلى، ما يعكس ثقتها بقدرات كوادرها، وإيمانها بأن الاستثمار في العلم لا يجب أن يُقابل بقيود مالية تعوق الطموح.

كما تقدم الجامعة الأردنية حوافز إضافية متميزة، مثل تخصيص مكافآت للأبحاث الأعلى استشهادًا عالميًا، ومكافآت براءات الاختراع، ودعم نشر الكتب وفصول الكتب، وتغطية نفقات الترجمة والنشر في المجلات العالمية المرموقة. وتُمنح الباحثين المتميزين امتيازات إدارية مهمة مثل تخفيض العبء التدريسي لفصلين دراسيين، وفق نظام دقيق يُحتسب من خلال نقاط ترتبط بمدى الإنجاز العلمي.

ولم تتوقف الجامعة الأردنية عند دعم أعضاء هيئة التدريس فقط، بل مدّت مظلة الرعاية إلى طلبة الماجستير والدكتوراه، وبدأت بدعم مشاريع طلبة البكالوريوس، في خطوة ذكية تهدف إلى تنشئة جيل باحث مبكر، يرى في البحث العلمي أداة للمعرفة وخدمة المجتمع.

وفي ظل هذه المنظومة الشاملة، يتضح أن تعليمات الجامعة الأردنية لا تواكب العصر فقط، بل تسبقه بخطوة، عبر سياسات تمكّن الباحث، وتفتح أمامه المجال للإبداع والمنافسة عالميًا دون عوائق مالية أو بيروقراطية. لقد أصبحت الجامعة الأردنية نموذجًا وطنيًا في كيفية ترجمة الرؤية إلى فعل، والاستراتيجية إلى واقع.

وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نُبارك للجامعة الأردنية هذا الإنجاز الكبير والمشرّف، الذي يُعد ثمرة إدارة أكاديمية حكيمة بقيادة معالي الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، الذي قاد مسيرة التحديث والتطوير برؤية استشرافية واقعية، جعلت من الجامعة الأردنية مؤسسة علمية ذات حضور عالمي حقيقي، تُشار إليها اليوم بالبنان.

تحية اعتزاز لهذا الصرح الأكاديمي العظيم، ولكل من ساهم في تحقيق هذا التميّز، من أكاديميين وباحثين وطلبة وموظفين، ممن آمنوا بأن البحث العلمي ليس ترفًا، بل ضرورة وطنية وسيادية، وأداة للنهضة والتحرر والتنمية. هكذا تكتب الجامعة الأردنية مستقبلها، وهكذا تُرفع راية الأردن في سماء المعرفة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد