التداعيات الاقتصادية لهجوم إسرائيلي على إيران

mainThumb

15-06-2025 12:18 AM

في حال أقدمت إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية مباشرة للمشروع النووي الإيراني، فإن الاقتصاد الإقليمي والعالمي سيشهدان اضطرابات عميقة قد تتجاوز تلك التي خلّفتها الأزمات السابقة، كجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، فهذه المنطقة تمثل عصبًا للطاقة العالمية ومسرحًا حساسًا للتوازنات الجيوسياسية.

أولى التداعيات ستُسجَّل في أسواق الطاقة، إذ تشير التوقعات إلى أن أسعار النفط قد تتجاوز 100 دولار للبرميل فور وقوع الضربة، وربما تصل إلى 120 دولارًا إذا ردّت إيران بتهديد الملاحة في مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 20% من صادرات النفط العالمية، هذا الارتفاع سيضاعف كلفة الإنتاج والنقل عالميًا، ويغذي موجات تضخم جديدة.

الأسواق المالية بدورها ستتأثر بشكل مباشر، حيث يُتوقع تراجع مؤشرات الأسهم في وول ستريت وأوروبا بنسبة تصل إلى 5–7%، بالتزامن مع تزايد الإقبال على الذهب الذي سيكسر حاجز 3,500 دولارللأونصة، والفرنك السويسري، والين الياباني كملاذات آمنة، هذه الحالة من "النفور من المخاطرة" قد تمتد لأسابيع، بحسب مسار التصعيد.

إقليميًا، ستكون دول الجوار مثل العراق ولبنان وسوريا في مرمى النار السياسية وربما العسكرية، مما يهدد استقرار الأسواق الناشئة ويعطّل الاستثمارات وسلاسل التوريد. أما في الخليج، فبينما قد تحقّق بعض الدول المنتجة للنفط مكاسب مؤقتة من ارتفاع الأسعار، فإن المخاوف الأمنية ستزيد كلفة التأمين البحري وتضغط على الأسواق المالية المحلية.

عالميًا، ستكون النتيجة تضخمًا إضافيًا يُقدّر بـ0.5 نقطة مئوية على الأقل في الاقتصادات الكبرى، مما سيجبر البنوك المركزية على تأجيل خطط خفض الفائدة أو حتى العودة إلى التشدد النقدي، في وقت يتباطأ فيه النمو أصلًا، ما يسارع في حدوث فقاعة في أسعار الذهب، وتشير تقديرات أولية إلى احتمال تراجع النمو العالمي بنحو 0.3–0.5% في 2025 إذا طال أمد التوتر.

كما قد تدفع الأزمة الدول المستهلكة للطاقة إلى تسريع خططها نحو بدائل أكثر أمانًا، مما يُعيد تشكيل سلاسل التوريد ويزيد من التوجه نحو الشراكات الاقتصادية البديلة، خاصة بين دول جنوب العالم.

ورغم تعقيد المشهد، تبقى أهم المؤثرات هي شدة الضربة ومدى اتساع الرد الإيراني، إضافة إلى قدرة المجتمع الدولي على احتواء التصعيد ومنع تحوّله إلى صراع مفتوح، فكلما طال أمد الأزمة، زادت آثارها على التجارة والاستثمار وقطاعات مثل الطيران والسياحة والتأمين.

ختامًا، لا يمكن حصر آثار هجوم كهذا في حدود سياسية أو عسكرية، فالعالم اليوم أكثر ترابطًا وأقل قدرة على تحمّل الصدمات، والتحدي الأكبر ليس فقط في تفادي الحرب، بل في منع الاقتصاد العالمي من الانزلاق إلى حالة ركود جيوسياسي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد