كاميرات السير

mainThumb

06-11-2025 10:40 PM

كثر الحديث عن انتشار كاميرات ضبط السير والغالبية العظمى تنتقد انتشارها معتبريها حملة جباية علما بانها مبرمجة بطريقة تضبط المخالفات فقط وغير المخالف لا غبار عليه. فلماذا كل هذا الحجم من التعليقات غير اللازمة على انتشار الكاميرات؟ فهي ركيزة أساسية في منظومة السلامة المرورية، ووسيلة حضارية تعكس مستوى التنظيم والالتزام في المجتمع. فوجود هذه الكاميرات في الشوارع والتقاطعات الحيوية يشكّل أحد أهم أدوات الردع والتوجيه للسائقين، ويسهم بشكل مباشر في خفض نسب الحوادث والإصابات.
العين الإلكترونية لا تعرف المحاباة ولا تتأثر بالمزاج، بل تطبّق القانون على الجميع بعدالة وشفافية. الكل يرى الازدحامات المرورية وسلوكيات بعض سائقي المركبات التي تتصف بالعشوائية ويتصرف بالشارع كأنه مزرعة الوالد! عداك عن باقي الملهيات التي تصرف انتباه بعض السائقين وما ينتج عن ذلك من حوادث!
لماذا نرفض الالتزام؟ فهو لصالحنا ومن جميع النواحي! حيث أثبتت التجارب الميدانية أن انتشار كاميرات المراقبة المرورية أدى إلى تحسين سلوك السائقين على الطرق، إذ أصبح كثيرون أكثر التزاماً بقواعد المرور خوفاً من رصد المخالفات، وهو ما انعكس إيجاباً على انسيابية الحركة وتقليل الازدحامان.
كما أن هذه الكاميرات تمثل مصدراً دقيقاً للمعلومات، يمكن للأجهزة الأمنية والإدارية الاستفادة منه في تحليل أنماط الحركة المرورية، وتحديد النقاط الأكثر ازدحاما، وبالتالي اتخاذ قرارات مدروسة لتطوير البنية التحتية المرورية. وعليه، فهي أداة ذكية للإدارة، وليست مجرد وسيلة عقابية.
إن انتشار كاميرات المراقبة هو استثمار في أمن الإنسان والمجتمع ايضا، ورسالة بأن الدولة والمواطنين معاً يتحملون مسؤولية حماية المجال العام. إنها العين الساهرة التي لا تنام، تسجل، وتوثّق، وتذكّر الجميع أن القانون موجود، وأن العدالة يمكن أن تراها بوضوح.
إن توسيع شبكة كاميرات السير في الأردن، وربطها بأنظمة ذكية لتحليل البيانات وتوقع السلوك المروري، هو خطوة نحو مدن أكثر أماناً وتنظيماً. وإذا ما ترافق ذلك مع حملات توعية مرورية فاعلة، سنجد أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أفضل شريك للسائق والشرطي والمواطن على حد سواء.
في النهاية، ليست كاميرات السير غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لبناء ثقافة احترام الطريق والقانون، ولحماية الأرواح التي تزهق يومياً بسبب الاستهتار والسرعة وعدم الانضباط. إنها العين التي لا تغفل، تخدم الجميع، وتذكرنا بأن الأمن المروري مسؤولية مشتركة بين الإنسان والتقنية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد