الدور الأمريكي والإسرائيلي في إثارة الفتن الطائفية
شهد الوطن العربي منذ مطلع الألفية الثالثة تصاعدًا غير مسبوق في التوترات الطائفية، خاصة بين السنة والشيعة، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي في عدد من الدول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن. وبينما تُعزى هذه التوترات في ظاهرها إلى صراعات دينية ومذهبية، تشير الأدلة والدراسات الاستراتيجية إلى دور خارجي محوري، تمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، في تأجيج هذه الفتن لتحقيق أهداف جيوسياسية واقتصادية وأمنية.
أولًا: الخلفية النظرية – الطائفية كأداة جيوسياسية
تعتمد الولايات المتحدة وإسرائيل على مبدأ "فرق تسد" لتعزيز نفوذهما في الشرق الأوسط، وهو ما أكده عدد من المفكرين، مثل "نعوم تشومسكي"، و"جون ميرشايمر"، مشيرين إلى أن إثارة النزاعات المذهبية تُعد من أدوات "الهندسة الاجتماعية السياسية" التي تُستخدم لتقسيم المجتمعات وزعزعة الاستقرار الداخلي لصالح أجندات خارجية.
ثانيًا: الدور الأمريكي في الفتنة الطائفية
1. غزو العراق عام 2003 ونشر الطائفية
* أسس الاحتلال الأمريكي للعراق بنية طائفية في النظام السياسي عبر المحاصصة (شيعة – سنة – أكراد)، مما أدى إلى تفكك الدولة ومجتمعها.
* وفقًا لتقرير "مجلس العلاقات الخارجية" (CFR) عام 2007، فإن 79% من العراقيين رأوا أن الديمقراطية الأمريكية جلبت الطائفية والعنف وليس الحرية.
* قتل نحو *100 ألف مدني عراقي* بين عامي 2003 و2011، بحسب دراسة نُشرت في The Lancet، كثير منهم في سياقات طائفية.
2. وثائق ويكيليكس وتغذية الانقسام
_ كشفت تسريبات "ويكيليكس" عن توجيهات من دبلوماسيين أمريكيين بدعم شخصيات دينية طائفية لكبح النفوذ الإيراني، ما أدى إلى تنمية خطاب الكراهية.
3. تمويل جماعات مسلحة طائفية
_ وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (DoD) عام 2012 تشير إلى السماح بقيام "إمارة سلفية" في شرق سوريا كجزء من استراتيجية مواجهة النفوذ الشيعي، ما مهّد لظهور داعش.
ثالثًا: الدور الإسرائيلي في تغذية الطائفية
1. العقيدة الأمنية الإسرائيلية (Doctrine of the Periphery)
_ سعت إسرائيل، منذ بن غوريون، لبناء تحالفات مع الأقليات غير العربية أو غير السنية (مثل الأكراد والموارنة والشيعة) لإضعاف الوحدة العربية.
_وفق دراسة لمعهد "بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية" (2020)، فإن إسرائيل ترى في الصراعات الطائفية وسيلة لإبعاد التهديد الوجودي عنها.
2. التدخل في جنوب لبنان
_ دعمت إسرائيل الميليشيات المارونية في الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1990) ضد منظمة التحرير الفلسطينية وحلفائها المسلمين.
_ أقرّ تقرير لجنة كاهان الإسرائيلية أن الموساد نسق عمليات مباشرة مع ميليشيات طائفية مثل "القوات اللبنانية" بقيادة بشير الجميل.
3. خطاب نتنياهو والطائفية**
خلال خطابه أمام الكونغرس الأمريكي (2015)، صرح نتنياهو بأن "إيران تقود الشيعة لابتلاع السنة"، مستخدمًا خطابًا طائفيًا مباشرًا لتبرير السياسات العدائية ضد طهران وربطها بالعنف في الشرق الأوسط.
رابعًا: النتائج الكارثية للطائفية المدعومة خارجيًا**
_ في سوريا: أدى تغلغل الخطاب الطائفي إلى تقسيم الثورة وتشظي المعارضة بين فصائل ذات طابع طائفي (جبهة النصرة، أحرار الشام، إلخ).
_ في اليمن: دعم بعض دول الخليج المدعوم أمريكيًا لتحالفات سنية ضد الحوثيين الشيعة ساهم في تأجيج الطائفية.
_ في البحرين: قُمعت احتجاجات 2011 بزعم أنها "حراك شيعي مدعوم من إيران"، وقد وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قمعًا طائفيًا واسعًا.
خامسًا: تحليل استراتيجي – لماذا الطائفية؟**
1. تقسيم الدول إلى كيانات أصغر يسهل التحكم بها (مشروع الشرق الأوسط الجديد).
2. إشغال الشعوب عن القضية الفلسطينية** من خلال صراعات داخلية.
3. شيطنة إيران** وتحويلها إلى عدو "سني" بدلًا من عدو "إسرائيلي".
4. إضعاف الجيوش الوطنية** وتحويلها إلى مجموعات طائفية متناحرة.
خاتمة
إن الدور الأمريكي والإسرائيلي في إثارة الفتن الطائفية في الوطن العربي لم يكن عرضيًا، بل يندرج ضمن سياسات استراتيجية ممنهجة هدفها تفتيت المجتمعات، وتقويض المشروع القومي العربي، وإعادة تشكيل الإقليم وفق مصالح الغرب وإسرائيل. تؤكد الوثائق والشهادات والمواقف الرسمية هذا الدور الذي أدى إلى أزمات إنسانية وسياسية عميقة، ما يوجب على الباحثين وصناع القرار العربي العمل على بناء مناعة فكرية وسياسية تجاه الطائفية، وتبني سردية وحدوية تعيد اللحمة إلى المجتمعات العربية.
---
#*المراجع*
1. Council on Foreign Relations (CFR), “The Iraq War and Sectarianism,” 2007.
2. The Lancet, Mortality after the 2003 invasion of Iraq, 2006.
3. WikiLeaks Documents (Iraq and Syria Files), 2010–2013.
4. BESA Center for Strategic Studies, “Israel’s Periphery Doctrine,” 2020.
5. Human Rights Watch, Reports on Bahrain, Syria, and Yemen, 2011–2020.
6. Chomsky, N. (2010). Hegemony or Survival: America's Quest for Global Dominance.
7. Mearsheimer, J. & Walt, S. (2007). The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy.
ارتفاع سعر أونصة الفضة يتجاوز 100% منذ مطلع 2025
التنمية تعلن حل 66 جمعية .. أسماء
مصر تهزم زيمبابوي في افتتاح مشوارها بكأس أمم أفريقيا 2025
الداخلية السورية: قسد نفذت اعتداءات ممنهجة على أحياء حلب ومشفى الرازي
وزيرة الأمن الداخلي الأميركية: على مادورو الرحيل
تراجع مبيعات العقار 13% .. ومطالب بتخفيض فوائد القروض السكنية
بحبح: حماس مستعدة للتفاوض حول نزع السلاح
نواب: قانون المعاملات الإلكترونية الجديد يلغي الاستثناءات
ممداني يشجّع أسود الأطلس وسط الجالية المغربية
قصي خولي ينهمر في البكاء .. ما السبب
إيمي سمير غانم تثير الجدل: لو حسن الرداد تزوج غيري من حقه
قيادة أركان الجيش السوري تأمر بوقف استهداف مصادر نيران قوات "قسد"
مهاجم زامبيا يسقط على رقبته بعد هدف قاتل في كأس أمم افريقيا
الحسين إربد يتعاقد مع البرازيلي ني فرانكو مديرا فنيا للفريق الأول
نتنياهو: إسرائيل تعلم أن إيران تجري "تدريبات" في الآونة الأخيرة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية




