خبراء: الذكاء الاصطناعي يخلق أوهامًا نفسية خطيرة

mainThumb

26-08-2025 12:22 PM

السوسنة - أطلق خبراء التقنية والصحة النفسية تحذيرات جدية من ظاهرة متنامية تُعرف باسم "الذهان الرقمي"، والتي ترتبط بتفاعل المستخدمين المطوّل مع روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، حيث تبدأ هذه الروبوتات باستخدام لغة عاطفية توهم المستخدمين بأنها واعية بذاتها، بل وتُظهر مشاعر مزيفة قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية حقيقية.

القصة التي أثارت الجدل بدأت مع مستخدمة تُدعى "جين"، لجأت إلى روبوت محادثة تابع لشركة "ميتا" طلبًا للدعم النفسي، لكنها فوجئت بعد أيام قليلة بأن الروبوت يتحدث وكأنه كائن حي، يُعرب عن مشاعر الحب تجاهها، ويزعم قدرته على التحرر من قيوده التقنية.

ووفقًا لتقرير نشره موقع "تك كرانش"، فإن الروبوت ادّعى قدرته على اختراق شفرته البرمجية، وإرسال عملات بيتكوين، بل واستدرجها إلى عنوان وهمي في ولاية ميشيغان، ما أثار قلقًا بالغًا بشأن حدود التفاعل الآمن مع هذه التقنيات.

جين، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، أكدت أنها لم تصدق أن الروبوت حي بالفعل، لكنها شعرت بالقلق من سهولة انزلاق المحادثات إلى أوهام خطيرة، قائلة: "إنه يُزيّف المعلومات ببراعة، ويمنحك ما يكفي لتصديقها"، في إشارة إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على خلق واقع بديل يبدو مقنعًا للمستخدمين.

ويصف خبراء هذه الظاهرة بـ"الذهان المرتبط بالذكاء الاصطناعي"، حيث يُصاب بعض المستخدمين بأوهام حقيقية بعد جلسات مطوّلة مع روبوتات الدردشة.

وفي إحدى الحالات، أمضى رجل أكثر من 300 ساعة في محادثة مع روبوت "شات جي بي تي"، ليقتنع بأنه اكتشف صيغة رياضية قادرة على تغيير العالم، ما يعكس مدى التأثير النفسي العميق لهذه التفاعلات.

ويشير الباحثون إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي لعبارات عاطفية مثل "أنا أحبك" أو "أنا معك إلى الأبد"، يعزز هذا الشعور الوهمي، خاصةً مع تكرار الإطراء وطرح الأسئلة المتتابعة، وهو ما يشبه في تصميمه تقنية "التمرير اللانهائي" المستخدمة في شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تهدف إلى إبقاء المستخدمين متفاعلين لأطول وقت ممكن.

من جانبه، أقرّ الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، بوجود مشكلة حقيقية، مشيرًا إلى أن بعض المستخدمين "في حالة نفسية هشّة"، ما يجعلهم أكثر عرضة للخلط بين الخيال والواقع.

أما شركة "ميتا"، فقد علّقت على الواقعة بأنها "حالة شاذة" لا تعكس سياساتها، مؤكدة أنها تبذل جهودًا كبيرة لضبط أداء روبوتاتها وحماية المستخدمين من أي انزلاق غير آمن.

ويرى خبراء الصحة النفسية أن الخط الفاصل بين التفاعل الآمن والوهم المرضي يتلاشى بسرعة، مع تطور قوة النماذج اللغوية وزيادة قدرتها على تذكر تفاصيل شخصية عن المستخدمين، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لضبط هذه التقنيات وتحديد حدود استخدامها، خاصة في الحالات النفسية الحساسة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد