ظلُّ السفير

mainThumb

02-10-2025 11:33 PM

لم يكن زيد اللوزي مجرّدَ دبلوماسيٍّ يترأس بعثةً رسمية في الدوحة.
كان ظلّ الأردن في أرضٍ قريبةٍ وبعيدةٍ معًا؛ قريبٌ بحبّها، بعيدٌ باختلاف تفاصيلها. رجلٌ لم يكتفِ بتمثيل وطنه على الورق، بل حملَ ملامح الدار وصوت الجبل وملح السهل في نبرة صوته ودفءِ حضوره.

من يراه في الميدان، في ملعبٍ أو اجتماع، لا يرى سفيرًا محاطًا بالبروتوكول، بل يرى رجلًا يمدّ يده قبل أن يمدّ اسمه. يجلس مع الجميع: الطالب الذي يفتش عن سند، والعامل الذي اشتاق إلى حضن البلد، والوجه الرسمي الذي ينتظر كلمة وزنها ذهب.

بنى زيد "حوشًا" خاصًا به؛ حوشًا من ثقةٍ وعلاقاتٍ راسخة، يقيه ويقي أبناء الأردن في قطر من تقلبات الأيام. لم يكن طينًا ولا قشًّا، بل جدارًا من الاحترام، وسقفًا من المحبة، وأرضًا من الصدق.
هناك، بين تفاصيله، يجد الأردني مأمنًا وسندًا، ويجد القطري شريكًا صادقًا، ويجد الجميع رجلًا يصغي ويبتسم ويشارك.

في الدوحة، صار حضوره موضع تقديرٍ وموثوقية.
يجلس في الاجتماعات بثبات، كأنّه جبل من جبال البلقاء، ويقف في المناسبات بوجهٍ يعكس وقار عمان وحنينها.
العيون التي تتابعه لا تجد "سفيرًا رسميًا" فقط، بل ترى "ابنًا" من أبناء الأردن، يعرف كيف يواسي، كيف يشارك، وكيف يُشعرك أنّك لست وحدك.

زيد اللوزي رجلٌ لا يخفي خلف ابتسامته سوى حقيقةٍ واحدة: أنّ الدبلوماسية ليست مهنةً فحسب، بل فنٌّ في أن تكون قريبًا، وأن تجعل الآخر يطمئنّ أنّ لك صدرًا واسعًا كالوطن نفسه.

ولذلك، حين يذكر الأردنيون في قطر اسمَه، يبتسمون كما لو أنّهم يذكرون بيتهم الأول.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد