صوت الهدنة

mainThumb

05-10-2025 09:47 PM

في غزة، لم يكن صوتُ المطر هذه المرّة يختلطُ برائحةِ البارود، بل بصدى بيانٍ وُقّع على عَجَل.
خَفَتَتْ أصواتُ المدافع، وارتجف البحرُ كأنه سمعَ الاعتراف الأول بالتعب.
حماس وضعت اليوم السلاحَ على طاولةٍ يملؤها الغبارُ والذكريات.
قالوا: "الدمُ يكفي"، فهزّت غزةُ رأسها، بين الإيمان بالمعجزة والخوف من الخديعة.

في الأزقّة، خرج الأطفالُ لا ليهتفوا، بل ليعدّوا الغائبين.
وفي بيوتٍ نُسيت نوافذها مفتوحةً منذ أول غارة، عاد الضوءُ خجولاً، يسألُ الجدران إن كانت ما زالت تصدّق أن السلام ممكن.
المدينة التي عاشت بين هدنةٍ وهاويةٍ، مدّت يدها نحو المجهول، كمن يصافح غريمه بعد أن نفد الهواء من الرئتين.

ترامب هناك، يوقّع من وراء زجاجٍ سميكٍ،
والعالمُ يصفّق كما لو أن التاريخَ أخيرًا قرّر أن يتقاعد.
لكن في قلب كلّ أمٍّ غزّية، سؤالٌ لا يوقّع عليه أحد:
هل يُغسلُ الدمُ بالاتفاقات؟
وهل تنام البنادقُ فعلاً حين يُقال لها: "كفى"؟

ربما كانت هذه لحظةً جديدةً من التعب... أو بدايةً لسلامٍ يتلعثم.
لكنّ غزة، مثل رجل الذاكرة في القرية القديمة،
ستظلّ تصغي لا للبيانات بل لصوتِ من رحلوا،
وللصدى البعيدِ الذي يقول:
لا هدنةَ تُنهي الوجع، بل الوجعُ هو من يصنع الهدنة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد