النخب المنعزلة والجيل الضائع: مَن يُصلح ما أفسدته القطيعة؟
بين أروقة المسؤولين تتردد أسئلة تبحث عن إجابات: لماذا شابنا ضائع؟! لماذا بوصلته مكسورة؟! وكأن السائل ينسى أن يده هي مَن كسرت البوصلة، وأن صمته هو مَن أضاع الشباب!
علمتنا الحضارة الإسلامية أن النخبة الحقيقية كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت في تربة الواقع، وفرعها في السماء, كانت المدارس الإسلامية تصنع قادة من رحم الأمة، يعيشون همومها، يأكلون من خبزها، ويشربون من مائها .
 فلنتأمل في نموذج المسجد في العصر الذهبي للإسلام، حيث كان منبراً مفتوحاً للجميع، يلتقي فيه العالم والجاهل، الغني والفقير، الوزير وعامي الشعب, كان جامعة شعبية حقيقية، تخرّج منها قادة مثل الوزير نظام الملك الذي أسس المدارس النظامية في بغداد ودمشق، وابن خلدون الذي جمع بين النظرية والتطبيق في مقدمته الخالدة، والقاضي الفاضل الذي كان يختلط بالناس ويسمع شكاواهم قبل أن يصبح وزيراً لصلاح الدين.
كانت صناعة النخب عملية طبيعية تنبع من صميم المجتمع، فالقاضي كان يبدأ كطالب علم في المسجد، ثم مساعداً للقاضي، ثم قاضياً, والإداري كان يترقى من خلال خبرته العملية في الدواوين، والعالم كان يكتسب مكانته من خلال خدمته للناس وإفادته للمجتمع ومقدار مساهمته في الحلول العملية لما يقع تحت اختصاصه. 
قام منهج الحضارة الإسلامية في صناعة النخب على عوامل إنتاج أهمها: الاحتكاك المباشر مع واقع الناس، والتدرج الطبيعي في تحمل المسؤوليات، والمساءلة المستمرة من قِبل المجتمع، والربط الوثيق بين العلم والعمل، والجمع بين التأهيل النظري والتطبيق العملي.
أما اليوم، فقد صرنا نصنع نخباً في معامل معززة، تتكلم بلغة لا يفهمها الناس، وتتحرك في دوائر لا يصل إليها أحد, تحولت النخبة من قادة ينبعون من واقع مجتمعاتهم إلى "خبراء" يعيشون في أبراج عاجية, فأين نحن اليوم من نموذج إدارة الخليفة العباسي هارون الرشيد ؟! وأين من نموذج الإمام الغزالي الذي ترك منصبه في نظامية بغداد ليرتحل بين الناس ويتعلم من واقعهم؟! 
لقد فقدت النخب المعاصرة صلة الوصل مع مجتمعاتها، وصارت تتعامل مع الناس من خلال الشاشات والخطابات المعدة سلفاً, لا بل هناك م يسمونهم خبراء ليعدوا لهم مظهرهم وتكلّفهم امام الشاشات, ولهم ميزات يتمناها الوزير نفسه .
في مشهد أكثر ايلاماً، تراهم يطيرون إلى أقاصي الدنيا ليحاضروا في جامعاتها، يشرحون أزمة الأردن لطلاب لا يعرفون وادي السير، بينما طالب في الجامعات الأردنية يبحث عن نظرة اهتمام، أو كلمة احترام. فكيف نتساءل بعد ذلك عن شعور الدونية؟! وكيف نستغرب ضياع البوصلة؟!
وفي سعيها اليائس لمعالجة هذا الضياع، تقدم لنا النخب "حلولاً" هي جزء من المرض لا من الدواء! برامج شبابية تكرس الانفصال بدل أن تعالجه، وتنتج جيلاً من "المتحدثين البارعين" الذين يجيدون صياغة المشاريع على الورق، بينما هم عاجزون عن فهم واقع مجتمعاتهم. 
ورش عمل في فلل فاخرة، وجلسات حوار تحت ثريات الذهب، ومبادرات وهمية بلا روح ولا قلب، تنتج شباباً يحملون شهادات في "القيادة" وهم لا يقدرون على قيادة أنفسهم في زحام الحياة!
لقد كانت النخبة في الماضي كالنخلة، تشرب من ماء الأمة فتعطيها رطباً جنياً، أما اليوم فكثير من النخب تشبه "النباتات البلاستيكية" تلمع في الوهلة الأولى، لكنك إن دنوت منها لم تجد عطراً ولا ظلاً. 
 النخبة في الماضي كانت تحمل أمانة يحملها الفرد منهم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أما اليوم فغدت في كثير من الأحيان امتيازاً يبحث عنه البعض لمصالح شخصية.
علينا صناعة النخب من صميم المجتمع لا من أطرافه، وجعل الحوار مع الشباب ضرورة وجودية لا ترفاً ثقافياً، واستبدال برامج "الصوت" ببرامج "الفعل"، وإعادة الثقة للشاب بنفسه أولاً، وبوطنه ثانياً، وبناء شراكة حقيقية بين الأجيال تقوم على التكامل لا القطيعة، وربط البرامج الشبابية باحتياجات المجتمع الحقيقية، وتمكين الشباب من خلال مشاريع تنموية حقيقية لا شعارات جوفاء.
إن الضياع الذي نراه في عيون شبابنا ليس قدراً محتوماً، بل هو مرض يمكن علاجه, يبدأ بالاعتراف أن الداء فينا لا فيهم، وأن الشفاء يكون بالعودة إلى الجذور لا بالاستمرار في القطيعة.
 لقد آن الأوان لنتعلم من دروس الماضي، ولنكسر قيود الانعزال، ولنغرس يدنا في تراب وطننا، فقط حينئذ ستنبت لنا نخب تحمل روح الأمة، وتسعى لخدمة شعبها.
 بن غفير يظهره بجانب سجناء فلسطينيين مقيدين وممدّدين أرضا  ..  فيديو
بن غفير يظهره بجانب سجناء فلسطينيين مقيدين وممدّدين أرضا  ..  فيديو
 أصغر رائد فضاء صيني في التاريخ ينطلق إلى الفضاء
أصغر رائد فضاء صيني في التاريخ ينطلق إلى الفضاء
 موديز: الأردن يحافظ على تصنيفه الاقتصادي بثبات
موديز: الأردن يحافظ على تصنيفه الاقتصادي بثبات
 أردوغان يدعو لنظام عالمي جديد بسبب غزة
أردوغان يدعو لنظام عالمي جديد بسبب غزة
 اجتماع وزاري دولي لبحث تهدئة غزة الاثنين
اجتماع وزاري دولي لبحث تهدئة غزة الاثنين
 هدية مصر للعالم: المتحف المصري الكبير يفتتح رسميا السبت
هدية مصر للعالم: المتحف المصري الكبير يفتتح رسميا السبت
 مايكروسوفت: الأردن الثالث عربيًا في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي
مايكروسوفت: الأردن الثالث عربيًا في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي
 FBI يحبط مخطا إرهابيا في ميشيغن عشية الهالوين
FBI يحبط مخطا إرهابيا في ميشيغن عشية الهالوين
 انطلاقا من ديسمبر المقبل  ..  سفر بدون تأشيرة بين روسيا والأردن
انطلاقا من ديسمبر المقبل  ..  سفر بدون تأشيرة بين روسيا والأردن
 2032 إنذاراً و6 إغلاقات صحية في إربد
2032 إنذاراً و6 إغلاقات صحية في إربد
 التضخم بمنطقة اليورو ينخفض في تشرين الأول إلى 2.1%
التضخم بمنطقة اليورو ينخفض في تشرين الأول إلى 2.1%
 الصليب الأحمر و القسام يتحركان شرق خان يونس للبحث عن جثث المحتجزين
الصليب الأحمر و القسام يتحركان شرق خان يونس للبحث عن جثث المحتجزين
 العيسى: تعاملنا مع 70 ألف مركبة منذ 28 حزيران
العيسى: تعاملنا مع 70 ألف مركبة منذ 28 حزيران
 تعهد بـ 50 ألف دينار لمرتكب هذه المخالفة
تعهد بـ 50 ألف دينار لمرتكب هذه المخالفة
 وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً ..  أسماء
وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً ..  أسماء
 ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن  ..  تفاصيل
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن  ..  تفاصيل
 عقوبة مرور المركبة دون سداد رسوم الطرق البديلة
عقوبة مرور المركبة دون سداد رسوم الطرق البديلة
 أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات  ..  فيديو
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات  ..  فيديو
 محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب  ..  صور
محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب  ..  صور
 أسباب ظهور بقع حمراء على الجلد مع حكة
أسباب ظهور بقع حمراء على الجلد مع حكة
 زيارة أنس الشايب إلى الجزائر تشعل الجدل على السوشال ميديا
زيارة أنس الشايب إلى الجزائر تشعل الجدل على السوشال ميديا
 عقوبات بحق أشخاص تعدوا على مسارات آمنة بعمّان
عقوبات بحق أشخاص تعدوا على مسارات آمنة بعمّان
 فوائد مذهلة للقرنفل ..  من القلب إلى الهضم والمناعة
فوائد مذهلة للقرنفل ..  من القلب إلى الهضم والمناعة
 الكلية العربية للتكنولوجيا تنظم ورشة عن إدارة العمليات السياحية
الكلية العربية للتكنولوجيا تنظم ورشة عن إدارة العمليات السياحية
 موكب زفاف يعرض حياة مستخدمي الطريق للخطر والأمن يتحرك
موكب زفاف يعرض حياة مستخدمي الطريق للخطر والأمن يتحرك



 31-10-2025 11:44 AM
 31-10-2025 11:44 AM 


