عشرون عاماً على "خطّة الانفصال"

عشرون عاماً على "خطّة الانفصال"

26-11-2025 10:46 PM


كانت ذكرى مرور عشرين عاماً على تطبيق خطّة الانفصال الإسرائيلية عن قطاع غزّة وبعض أجزاء من شمال الضفة الغربية، خلال خريف 2005، والتي صادفت أخيراً، مناسبة استغلها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كي يعلن أن تفكيك مستوطنات استعمارية إسرائيلية من جانب واحد خطأ مريـع ولن يتكرّر. غير أن اعتبار تفكيك مستوطنات غزّة من جانب واحد هو الخطأ بعينه لا ينحصـر في رئيس الحكومة وحزب الليكود، ناهيك عن أحزاب اليمين المتطرّف، بل يتعدّاهما إلى جلّ أحزاب المعارضة الإسرائيلية. ولا تزال تتصادى تصريحات سبق أن صدرت عن قادة حزب العمل في مناسبة الذكرى الخامسة لهذا الحدث تعتبر أن الانفصال عن غزّة من جانب واحد، والذي اندرج حزبهم في عداد مؤيديه، كان خطأ فادحاً ينبغي عدم تكراره، بسبب الفشل في إيجاد أنموذج يمكن أن يُغري الآخرين بالتوصل إلى تسوية مع إسرائيل، عن طريق تظاهر الأخيرة باستعدادها لأن تهدم مستوطناتٍ أقامتها بنفسها.

تجدر الإشارة إلى أن التصريحات التي تجدّد تخطئة الانسحابات الإسرائيلية الأحادية الجانب سبقها بفترة طويلة إعلان التخلي عنها أو دفنها، عقب الحرب على لبنان في صيف 2006. ومعروف أن تلك الحرب ("حرب لبنان الثانية" بحسب اسمها الإسرائيلي)، والتي استمرّت من 12 تموز/ يوليو حتى 14 آب/ أغسطس 2006، أدّت، من جملة أشياء أخرى، إلى طيّ صفحة "خطة الانطواء" (أو خطة التجميع) وإلى القضاء على فكرة الانسحابات الأحادية الجانب من أساسها. وكانت هذه الخطّة تنصّ على الانسحاب من معظم أجزاء الضفة الغربية، وإخلاء المستوطنات الواقعة شرقي الجدار الفاصل. بموجبها كان من المفترض أن تجمع الحكومة الإسرائيلية، بصورة أحادية الجانب، المستوطنين اليهود المنتشرين في المستوطنات القائمة في قلب الضفة الغربية وتنقلهم للسكنى في المستوطنات القائمة داخل الكتل الاستيطانية المنتشرة في مناطق قريبة أكثر من حدود ما قبل 1967، وفقاً لمسار جدار الفصل العنصري. وقد جرى الحديث عن كتل معاليه أدوميم وأريئيل وغوش عتصيون. وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت في حينه بأن هذا التجميع لن يشمل مستوطنة كريات أربع والبؤرة الاستيطانية في مدينة الخليل، على الرغم من أنهما خارج الجدار. وبناء على الخطّة، تواصل إسرائيل السيطرة على 7% من أراضي الضفة الغربية. وقد أسقطها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت من جدول الأعمال بعد تلك الحرب.

شكّلت خطة الانفصال، في حينـه، نقطة في سياق ما عرفت بـ"سياسة إدارة الصراع"، وهي السياسة التي بدأت إسرائيل في انتهاجهـا منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في خريف 2000، عقب فشل قمة كامب ديفيد وإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت إيهود باراك أنه "لا يوجد شريك فلسطيني" لعملية تسوية الصراع سياسياً. ويمكن القول إن عملية تسوية الصراع قد بدأت بالتزامن مع "عملية أوسلو" في بداية التسعينيات. وفيما كانت هذه تهدف عموماً إلى التوصل إلى اتفاق على حل وسط بين الطرفين، بغض النظر عن تفصيلاته، اعتُبرت عملية إدارة الصراع إسرائيلياً بمثابة خيار افتراضي ضروري طالما أنه لا يمكن تسويته.

واستندت "رؤية الانفصال من جانب واحد"، كما أكّد كاتب هذه السطور في مقالات سابقة، إلى فرضيات إسرائيلية أساسية أهمها: عدم إمكان المحافظة على الوضع القائم (الستاتيكو) الإقليمي والسياسي والعسكري سوى في مقابل ثمن باهظ للغاية؛ من دون فصل وفك ارتباط يمكن لـ"التهديد الديموغرافي" أن يشكل خطراً على إسرائيل دولة يهودية، كما أن من شأن الانفصال أن يؤدّي إلى "الحدّ من الاحتكاك والعنف"؛ من دون مبادرة إسرائيلية ستظهر مبادرات سياسية (بما في ذلك مبادرة "خريطة الطريق" مثلاً) يُحتمـل أن تشكل خطراً على إسرائيل ومقاربتها إزاء الصراع.

 

 

(العربي الجديد)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد