معالي الأخ جمال حديثه الخريشة .. وداعاً

معالي الأخ جمال حديثه الخريشة ..  وداعاً

01-12-2025 08:38 PM

يجد المرء نفسه أحياناً أمام لحظات يمتزج فيها الحزن بالذكريات، وتختلط المشاعر حتى يعجز اللسان عن وصفها. ولعل أصعب هذه اللحظات تلك التي نفقد فيها عزيزاً ملأ حضوره القلوب حكمة ووقاراً، وترك أثراً لا يمحى. وهكذا كان وقع رحيل الأخ العزيز معالي جمال حديثة الخريشة "أبو حديثة" رحمه الله، ذلك الرجل الذي أجمع كل من عرفه على سعة عطائه، ونقاء سيرته، ورفعة مقامه، فقد سبقت سمعته الطيبة اسمه، وكان أينما حل رمزاً للمروءة والوفاء.
وقد ورث هذا النهج عن والده الشيخ حديثة الخريشة، الشيخ المجاهد الذي وقف إلى جانب الثورة الفلسطينية ورجالها منذ انطلاقتها في فلسطين، وخلّف لأبنائه ارثاً من الأخلاق والقيم النبيلة والشهامة والكرم الأصيل.وهم الشيخ علي، والشيخ نايف، والشيخ نواف، والسفير تركي، ومعالي جمال، رحمهم الله جميعاً، تاركين خلفهم سيرة مشرّفة وقيماً راسخة.
ولا يزال هذا النهج حاضراً في مسيرة الأبناء الكرام: معالي الأخ مجحم، والمحافظ حاكم، وفي الأحفاد حفظهم الله جميعاً.
إن معرفتنا بعائلة الفقيد ليست معرفة عابرة، بل هي صداقة عميقة تمتد جذورها إلى زمن والده الشيخ حديثة، الذي كان عزيزاً على والدي رحمهما الله. وقد حمل منزلنا القديم في حي القبرطاي في وسط عمّان وقعَ خطواته كلما قدم من الموقر، مقر العشيرة، لزيارة الأصدقاء والمعارف. وكان أعزهم على قلبه رجل الأعمال المعروف المرحوم حسن الشربجي "أبو صلاح"، الذي كان ديوانه في عمّان مقصداً يومياً لرجال الدولة من رؤساء وزارات ووزراء ومدراء وكبار رجال الأعمال.
… وتمضي الأيام ليشعر المرحوم معالي جمال بأن رحلته الأخيرة إلى لقاء ربه قد اقتربت، فيُقدم على بناء مسجد يحمل اسمه إلى جانب ديوان الخرشان، وقيل لي إنه اختار مكان مثواه الأخير قرب المسجد.
نسأل الله أن يلهم الأخت الكريمة أم حديثة، رفيقة الدرب الأصيلة الفاضلة، والأبناء الأحبة: معالي حديثة، والدكتور محمد، والدكتورة عبير، وسائر الأبناء والأحفاد والعشيرة الكريمة، الصبر والسلوان.
وأخيراً نقول: إن المحبة الكبيرة التي تركها المرحوم معالي جمال في القلوب ظهرت جلياً في جموع المشيعين من مختلف مدن الأردن وقراه وبواديه. لقد شاهدتُ الأردن كله في بيت العزاء، وعلى رأسهم القيادة الهاشمية وكبار رجال الدولة والسفراء. كان المشهد شهادة صادقة على مكانتك أيها الأخ العزيز، وعلى محبة الناس لك ولعشيرتك وإخوانك. وأنا على ثقة بأن سيرتك وأخلاقك ستظل حاضرة في سلوك أبنائك البررة، وفي ذاكرة كل من عرفك.
رحمك الله رحمة واسعة… فهذه هي الحياة: استقبال ووداع وفراق، وأشدّها مرارة لحظة فراق الأحبة، لكنها مشيئة الله وقضاؤه، ولا رادّ لأمره.
انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد