إدارة الكوارث والأزمات وتقليل المخاطر في الأردن

mainThumb

31-10-2018 09:51 AM

مع تزايد النداءات على كافة المستويات .. واهمها مقال الملك عبدالله الثاني بضرورة السعي نحو الحقيقة وعدم الإنجرار وراء الإشاعات والأخبار الملفقة وخصوصا في الحالات الطارئة التي يمر بها الوطن .. مثل فاجعة فيضان وادي زرقاء ماعين .. حيث الروايات المتناقضة والمتهورة.. لدرجة أصبح الحوار كالجدل البيزنطي .. الذي يهدم ولا يعمر .. يخرب ولا يفيد. 
 
ورغم هذه المقدمة المهمة إلا أنه ثمة قضية اساسية وهي أن .. إدارة الكوارث والأزمات وتقليل المخاطر واختزال المخاسر .. لا زالت برسم التقييم 
 
فمن خلال تجربتي الأمريكية و الألمانية الممتدة لسنوات عشت فيها كل احوال الطقس والمناخ كانت أشدها عندما انخفضت درجة الحرارة إلى ما دون ال 40 درجة تحت الصفر المئوي ولكن المفاجاة أن ألمانيا مثلها مثل جاراتها الدول الأوروبية لم تعرف العطل أو التأخر عن الدوام رغم هذه الظروف المناخية القاهرة والشديدة بقيت الماكينة الألمانية - على سبيل المثال- تعمل بكل جدارة واقتدار وتحافظ على مقدرات المواطن واقتصاد البلد.
 
- صناع ومنفذي القرار في المجتمعات المتقدمة عملوا بكل جد وإخلاص خلال السنوات الماضية لإنشاء بنية تحتية للماء والكهرباء والغاز وشبكات الطرق والتحضر وتخطيط المدن وغيره مما يلزم... بحيث أصبحت الأجيال المتعاقبة تنعم بمقومات وتقنيات حضارية أهم عنصر فيها الأمان والسلامة العامة.
 
- اليوم المجتمع الاردني -كما في الأمس وكما كان قبل حوالي شهر وكما في كل عام-يدخل في سبات العطلة الفكرية ويبدأ بنعت وجلد الذات .. وتتهم نفسها العرب .. لجان بالجملة .. وتنصل من تحمل المسؤوليات بسبب عدم جاهزية الاستعدادات .. رغم حركة الآليات المكثفة ونشاط الأجهزة الرسمية والشعبية ولا أقول على نظام الفزعة ولكن الخطط وربما الفوضى المنظمة..وكلما نجا مواطن او عائلة أو.. من حادث أو كارثة تبدأ موجات الإعلام ببث بشائر الفرح وكأننا حققنا نصرا مؤزرا.. رغم أنه واجب وطني عمله إجباري وشكره إختياري.
 
- إن إدارة الكوارث والأزمات الطبيعية والبشرية المتعددة وتقليل مخاطرها والحد من تأثيرها يعتمد أهم قواعدها على الاستعدادات الشاملة والإدارة المتكاملة لمواجهة موجات وعواصف الثلوج والأمطار  والفيضانات وهبات العواصف الشمسية والحرارة الكامنة أو الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية المتسارعة.
 
- ومن باب التذكير والمقارنة .. من جولات ورصد بعد الكارثة .. نلاحظ الكل يترجل نحو السد تقارير شعبية بالعشرات على وسائل التواصل الاجتماعي وتقتير في المعلومة والتقارير الرسمية رغم تعدد وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية.
 آلاف  من الأمتار المكعبة هطلت خلال ساعات على امتداد منحدرات وأدوية البحر الميت .. ٢١ شهيدا كانوا الشاهد الرئيسي  على كارثة وادي زرقاء ماعين كانت  الجلاميد والأشجار تعاني ويلات الفيضان التي أحدثته الأمطار في وسط الوادي والتى لا زالت خطرا كامنا ومصائدا خطيرة ومسببا اساسيا للحوادث وحصد الأرواح...إضافة إلى ما حدث من انكسار للطبيعة وتهية للنفوس -بحيث أصبحت تعرف الأودية بكوارثها بدل من جماليتها.
 
- إن الأردن بلد الكفاءات العلمية والمهنية -التكنوقراط- فهناك عشر جامعات رسمية وحوالي العشرين جامعة خاصة -من حملة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس والدبلوم في مختلف التخصصات- أليس من حق الوطن والمواطن ان نرى نتاج علمهم و أبحاثهم على أرض الواقع .
 
لماذا تبقى الأدوية في المحافظات والمدن الأردنية بهذه الحالة البدائية والمرعبة. أليس الأجدر بنا الآن أن نجهز أوديتنا  وطرقنا ومنشآتنا بطريقة أكثر حداثة وحضارة مع ضرورة مراعاة قواعد السلامة العامة حسب المواصفات العالمية المعتمدة.
وعلى جانب آخر.. لماذا تبقى الخلطات الإسفلتية -رغم انخفاض أسعار المنتجات النفطية الآن-لا تتجاوز سماكتها في معظم الطرق البضعة سنتيمترات في الوقت الذي يقوم غيرنا بوضع فرش وخلطات طرق تتجاوز سماكتها النصف متر وبنوعيات ممتازة عدا عن إضاءة وتخطيط الطرق بالمواد الفسفورية لتوفير الأمان الليلي.
 
- إن الأمثلة الأخرى في المواضيع ذات العلاقة والصلة والمهمة لبناء الحضارة الشاملة كثيرة من حيث أمن وجاهزية الغذاء والماء والدواء والتدفئة وأمان التنقل والحركة وسرعة الإنجاز وغيرها وسط ظروف تجاوزها العالم ومنذ فترة زمنية طويلة.
- وفي النهاية-ومع مواكبة المرحلة يبقى الشكر موصول لكل من ساهم ويساهم بكل أمانة وإخلاص في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي قد تتكرر خلال هذه الفترة-والظروف الاعتيادية الطبيعية لحين ايجاد ما يلزم مهما كانت التكلفة والجهد-لتوفير الأمان والأمن والحماية للمواطن أساس ومحور التنمية الشاملة في الوطن ولكي ينعم الجميع بالعمل والإنجاز وعدم التأخير ولكي ننهي حالة نعت وجلد الذات ونزيد من وعي المواطن وانتمائه لوطنه.
 
 
( - أستاذ هندسة علوم الأرض والبيئة-خبير الكوارث الطبيعية والبشرية-)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد