الحركة العمانية - نبيل عمرو

mainThumb

08-11-2018 02:55 PM

 أمر الرئيس محمود عباس الناطقين الرسميين باسم السلطة والمنظمة وفتح، بعدم التطرق للحركة العمانية منذ استقبال السلطنة بنيامين نتنياهو الذي سبقه لقاء جرى بين السلطان قابوس والرئيس الفلسطيني.

دافع عباس لذلك كان منطقياً وضرورياً، فبأي منطق يرفض ويدان، سلوك يقوم بمثله الفلسطينيون الذين يجرون لقاءات مباشرة مع رسميين إسرائيليين.
 
أما الضرورة؛ فالفلسطينيون الذين يمرون بأوقات صعبة وصفها عباس في خطابه أمام المجلس المركزي بأنها الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية، سيخسرون كثيراً لو اضطربت علاقاتهم مع أي طرف عربي، إلى جانب ذلك، فالرئيس محمود عباس، الذي يشاهد بأمّ عينه تدهور مشروعه السلمي، ويتخوف مما ستأتي به «صفقة القرن» فوق ما أتت به حتى الآن، يحتاج فعلاً إلى قنوات اتصال مع الإسرائيليين تخفف أذى الإغلاق المطلق معهم من كل النواحي.
 
كان قد راهن على القناة الروسية، إلا أن نتنياهو عطلها بفظاظة. ووفق المنطق نفسه يراهن على القناة العمانية لعلها تفعل شيئاً إلى جانب قنوات متعددة رسمية وغير رسمية.
 
التحرك العماني لفت النظر في هذه الفترة بالذات، لأنه جاء بعد كمون طويل، وحين بدأ كانت بدايته على مستوى القمة الإسرائيلية والفلسطينية وبأكثر الترتيبات رسمية وعلانية، وتلته حركة نشطة أداها مبعوثون عمانيون رفيعو المستوى ليس على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فحسب؛ بل اتسعت الدائرة لتشمل دولاً أخرى لعل آخرها الأردن.
 
التحرك العماني الجديد تحرر من تحفظات نمطية كانت تحيط بأي جهد عربي على أي مستوى تجاه إسرائيل؛ إذ اعتمد طريقة: «أقرب مسافة بين نقطتين هي الخط المباشر والمستقيم». ولا ضرر من ذلك ما دامت خلاصات التحرك ستوضع بين يدي الأطراف المعنية ولها أن تقرر قبولاً أو رفضاًـ ذلك أن ما وصل إليه الوضع الفلسطيني - الإسرائيلي من تدهور على المستويات كافة؛ سواء في غزة حيث الحرب التي تتخللها تهدئات مؤقتة وهشة، أو في الضفة حيث الحرب الإسرائيلية تبلغ أوجها في التنكيل بالحقوق الفلسطينية، وخلق أمر واقع على الأرض يثبت نفوذاً إسرائيلياً مطلقاً ودائماً، يجعل من ولادة دولة فلسطينية حقيقية أمراً يكاد يكون مستحيلاً، وهذا الوضع يغري كثيرين بالتدخل؛ إما بفتح قنوات جديدة، أو بتفعيل القنوات المعطلة.
لم يحدث تغيير جوهري في معادلة: «الحل مع الفلسطينيين يجب أن يسبق التطبيع».
 
ولا شك في أن هذه المعادلة، التي هي الرهان الفلسطيني في زمن الربيع العربي، طرأ عليها تعديل في الوسائل، فصارت القنوات المفتوحة سراً أو علناً هي الوسيلة المتاحة للتأثير؛ ولو النسبي، في الاستعصاء المستحكم في المسار الفلسطيني - الإسرائيلي، وهذا التطور يفرض على الفلسطينيين الذين يرون آمالهم تتراجع بالتدريج، أن يقرأوا جيداً تأثير المتغيرات الهائلة فيهم ومن حولهم، وأن يعدلوا في خطابهم الذي لا تزال مفرداته تنتمي إلى أدبيات زمن انتهى، وأن يدققوا في الحسابات التي اختلفت أرقامها وأوزانها، وأن يبدأوا بأنفسهم قبل أن يطلبوا من الآخرين ما يفعلون وما لا يفعلون... ساعتئذ تكون حقوقهم، التي لا يمكن ولا يجوز التخلي عنها لأنها حقوق الحد الأدنى، لها ما يخدمها ويوفر لها فرصاً عملية إن لم تتحقق؛ فلتبقَ على الأجندة.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد