وهكذا تكون البداية

mainThumb

05-03-2020 10:53 AM

ظلال هذا الزمان كثيفة لدرجة أن باستطاعتها تغطية كل شيء في هذا العالم ، وباستطاعتها كذلك أن تحجبه بغلالة رقيقة.. يمرّ منها المسرع فإذا حدث وأن رآها فهو لا يرىإلاّ أنها مجرّد غلالة ولكن الذي يمرّ ببطء محترفا التأمّل والرويّة فإنه يرى عبرا ودروسا وعالما آخر متكاملا تحتها ، وإلاّ فما معنى أن اللآلىء لا تطفو على السطح وأن الذهب لا يوجد على سطح الأرض ؟
والغالبية لا يقفون ولا يتأملون ولكن هل يستطيع الغربال تغطية الشمس ؟
لا ، بدليل أنّ كتابا يعيدنا إلى فطرتنا السليمة مخاطبا براءتنا التي فقدناها ، مترجما أحاسيسنا الصادقة ، مدغدغا آمالنا وأحلامنا .. ينفذ من الأسواق في خلال أيام قليلة في حين أنّ آلافا من الكتب والمجلات والصحف تتحدث عن التطوّر وحتميّته وعن الحداثة وضرورة مواكبة العصر وعن التقليد لمجرد التقليد وما إلى ذلك تظلّ حبيسة مدى العمر في مستودعات ناشرها أو ناشريها ، ذلك لأنها تتحدث في واد والناس _ معظم الناس _ يعيشون في واد آخر . تتحدث عن طبائع علينا أن نتطبع بها وهي ليست نابعة من البيئة التي نعيش فيها .. تتحدث عن عادات وتقاليد دخيلة علينا وهي وإن صلحت لبيئة معينة وترعرعت في جوّ معيّن ليست بالضرورة تصلح لمجتمعنا وأغلب العادات والتقاليد الوافدة مرفوضة تماما ذلك لأنها إمّا دعوة للتفكك والإنحلال ، وإمّا أن تكون دعوة مشبوهة من مئات الدعوات التي أطلقها الغرب والشرق لتسميم أفكارنا .. ومع هذا أنا لا أحارب فيما ذهبت إليه الحداثة مطلقا ولكنني أحارب الحداثة لمجرد الحداثة والتجديد لمجرد التجديد ولكن الحداثة والتجديد والتغيير إذا كانت جميعها مستمدة جذورها من الأصالة فأنا معها .
والأصالة تقتضي مكارم الأخلاق كما تقتضي العودة إلى النقاء والصفاء وسلامة الطبع وما في قواميس اللغة من أمثال هذه المترادفات ...
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد