شرف العتاب

mainThumb

30-06-2020 06:12 PM

تختلط مشاعر الفرد بين المواقف التي يراقبها بعقله او بقلبه احيانا ويبدا بعمليات المراجعة والتقييم لعلاقاته بالاخرين ، وخاصة عندما يتقدم به العمر ويستعيد شريط الذكريات في الدراسة والعمل والحياة بشكل عام، ويبدا بطرح اسئلة بعضها استنكاري جوابها معروف مسبقا، والكثير منها لا يجد لها جوابا، فعندما ترى ان من صادفته في حياتك مرة واحدة في مطار او محطة قطار وابتسمت في وجه او قدمت له خدمة لا تذكر ولم ينساك ويبحث عنك ليقدم لك التهنئة بمناسبة عيد ميلادك او الاعياد الدينية والوطنية وغيرها .

وفي المقابل تجد من علمته او دربته واحسنت اليه او كنت سببا بعد الله في وصوله إلى ما وصل اليه، ولا يكلف خاطره بالسؤال عنك، وحتى لايفهم الامر خارج سياقه فهذه ملاحظات وتجارب سمعتها من كثير ممن التقيت بهم لسنين طويلة وليست شخصية، وانما هي حصيلة تجارب طويلة ، ولا حجة لاحد بعد ان اصبح البحث والتواصل متاحا لكل من يملك هاتفا ذكيا وبالمجان تقريبا، وبعد ان درست هذه الظاهرة المستشرية من خلال الاطلاع على الدراسات السابقة والادب النظري وعلى تجارب واستطلاعات عديدة وعلى الخلل في العلاقات الاجتماعية، توصلت بالبحث المستفيض إلى ان من يدير ظهره لمن احسن اليه وقدمه للمجتمع في مرحلة ما، هو من ضمن الفئات التالية كما يرى عالم الاجتماع (ستاليروف) :العاق، الانتهازي، المكابر، ناكر المعروف، الجاهل، الإمعة، المريض نفسيا وميت الدنيا كما يقال (من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت ايلام) وامور أخرى احجم عن كتابتها لانها مخجلة ، وتوصل الخبراء والباحثون ان سبب ذلك يعود في الاغلب إلى نقص في التربية الاساسية البيتية التي تفتقر إلى الود والحنان او الموروث من جينات الحقد والكراهية العمياء.

وبعضها مكتسب من رفاق السوء وهواة الفتنة وارجعها البعض إلى ضعف في شخصية من لا يستطيع المواجهة ويهرب إلى الاختفاء والبحث عن جديد لا يعرف ماضيه، وبعضهم اشار إلى حقد طبقي او موروث جهوي او مذهبي لا يستطيع التخلص منه لانه ضعيف امام أصحاب مدرسة الأحكام المسبقة، ولا مرجعية له سوى شخص واحد او اثنين من هذه النماذج في احسن الحالات ، وفي اشارة ل(دشكيفتش) عالم النفس المعروف بان المنفعة المادية هي من اهم مبررات التواصل او العقوق ونكران الجميل، فقد ينقلب بعضهم على ولي نعمته بعد الله لانه لم يتم دعوته إلى وليمة مستعجلة، علما بانه تصدر ولائم سابقة بالمئات وتم تجاوزه هذه المرة ، ومنهم من تسلل إلى مواقع ومراكز اكبر منه ولا يستحقها ، فضربت (فيوزات دماغه) واختل توازنه ، ومنهم من يتهرب من مواجهة القامات التي احسنت اليه لانه اضعف من القدرة على الوقوف امامهم لانهم يعرفون نقاط ضعفه وماضيه الغير مشرف احيانا، ويلعب البعض على ورقة ما يسمى بحرق المراحل ، كالذي يزورك في عيد واحد مرتين ولا تراه بعد ذلك، وينقلب إلى من يحل مكانك وله مصلحة عنده بباقة ورد تفوق طوله نفاقا وتزلفا ، واخيرا توصل الباحثون إلى الاستنتاجات التالية واهمها:: انه كلما تقدم بك العمر تزداد معارفك، ولكنه في المقابل يتقلص عدد الاصدقاء الأوفياء، وان من لا يعرف الوفاء سينال نفس العقاب ولو إلى حين، وان الزمن كفيل بكشف المنافقين والانتهازين حتى لو اختلفت الوانهم وتغيرت جلودهم، وان العقاب الرباني هو العقاب الابدي الذي لا مهرب منه وخاصة لعاق الوالدين ومربيه ومعلميه واصحاب الفضل عليه ، واما التوصيات التي توصلنا اليها،، ان هناك مجال لمراجعة الذات والبحث عن من احسن إليك مرارا، والاعتذار ولو بتحية بكبسة زر من على هاتف ذكي لا تكلف فلسا واحدا، وان عليك التواصل مع الآخرين دون ان تكون لك حاجة عندهم اليوم، لانك لا تدري ماذا يخبئ لك الزمن،، وعليك مراجعة هذه الاقوال الماثورةكل فترة(لا ترمي حجر في بير شربت منه قد تضطر إلى الرجوع اليه) ، (ليس بالضرورة رد الجميل ولكن أضعف الايمان عدم نكرانه ) ، وان لا تسيء إلى من احسن اليك تبريرا لقصورك في حقه او عدم قيامك بالواجب الاخلاقي نحو الاخرين ممن لهم دين في عنقك ، واهم هذه التوصيات ان العتاب شرف كبير لا تمنحه الا لمن يستحقه، وكما قال ابن الرومي،ليس عتاب الناس للمرء نافعا،، اذا لم يكن للمرء لب يعاتبه وعلينا ان نتذكر قول رب العزة في محكم تنزيله "" قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"" صدق الله العظيم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد