حرية التعبير الآفاق و الخطوط الحمراء

mainThumb

29-11-2020 01:22 PM

الفرق كبير بين المساس بالمقدّسات
 و إبداء الرأي مع الالتزام بأدب الحوار
 
 
الدستور الأردني يكفل حرية التعبير و إبداء الرأي 
     
 
 
 

تقرير: شرين الصغير
 
 
قال الكاتب العراقي بسام البغدادي "حرية التعبير حقك في قول ما يعجبك وحق الآخرين في قول ما لا يعجبك"
 
  حرية التعبير كحق أساسي من حقوق الإنسان بموجب المادة رقم 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويعترف به في القانون الدولي لحقوق الإنسان في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. تنص المادة 19 من العهد الدولي: " لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة" وأنه "لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها". تستمر المادة بقول أن ممارسة هذه الحقوق يستنبع "واجبات ومسؤوليات خاصة" وأنه "وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود" عند الضرورة "لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم" أو " لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".
 
بدايات حرية الرأي والتعبير
 
ترجع بدايات المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 ونصبت الملك وليام الثالث من إنكلترا والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش وبعد سنة من هذا أصدر البرلمان البريطاني قانون "حرية الكلام في البرلمان".و بعد عقود من الصراع في فرنسا تم إعلان حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا عام 1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن وكانت هناك محاولات في الولايات المتحدة في نفس الفترة الزمنية لجعل حرية الرأي والتعبير حقا أساسيا لكن الولايات المتحدة لم تفلح في تطبيق ما جاء في دستورها لعامي 1776 و 1778 من حق حرية الرأي والتعبير حيث حذف هذا البند في عام 1798 واعتبرت معارضة الحكومة الفدرالية جريمة يعاقب عليها القانون ولم تكن هناك مساواة في حقوق حرية التعبير بين السود والبيض.
 
ويعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل  (1806 – 1873)أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض، حيث قال "إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة" وكان الحد الوحيد الذي وضعه ميل لحدود حرية التعبير عبارة عن ما أطلق عليه "إلحاق الضرر" بشخص آخر ولا تزال هناك لحد هذا اليوم جدل عن ماهية الضرر فقد يختلف ما يعتبره الإنسان ضررا الحق به من مجتمع إلى آخر. وكان جون ستيوارت ميل من الداعين للنظرية الفلسفية التي تنص على أن العواقب الجيدة لأكبر عدد من الناس هي الفيصل في تحديد اعتبار عمل أو فكرة معينة أخلاقيا أم لا وكانت هذه الأفكار مناقضة للمدرسة الفلسفية التي تعتبر العمل اللاأخلاقي سيئا حتى ولوعمت فائدة من القيام به واستندت هذه المدرسة على الدين لتصنيف الأعمال إلى مقبولة أو مسيئة ولتوضيح هذا الاختلاف فان جون ستيوارت ميل يعتبر الكذب على سبيل المثال مقبولا إذا كان فيه فائدة لأكبر عدد من الأشخاص في مجموعة معينة على عكس المدرسة المعاكسة التي تعتبر الكذب تصرفا سيئا حتى ولو كانت عواقبه جيدة.
 
وبسبب الهجرة من الشرق إلى الدول الغربية واختلاط الثقافات والأديان ووسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت شهد العالم موجة جديدة من الجدل حول تعريف الإساءة أو الضرر وخاصة على الرموز الدينية حيث شهد العالم في أواخر 2005 وبدايات عام 2006 ضجة سياسية وإعلامية ودينية واقتصادية حول ما اعتبره المسلمون الإساءة للنبي محمد واعتبره العالم الغربي وسيلة في حرية الرأي والتعبير.
 
بدأت مؤخرا حركات في أوروبا تطالب بتعديلات في القوانين القديمة المتعلقة بالإساءة إلى الرموز الدينية التي وان وجدت في القوانين الأوروبية ولكنها نادرا ما تطبق في الوقت الحالي ولكن مع انتشار الهجرة إلى أوروبا من الدول الغير أوروبية وجدت الكثير من الدول في أوروبا نفسها في مواقف قانونية حرجة لوجود بنود في قوانينها الجنائية تجرم المسيئين إلى الرموز الدينية ووجود بنود أخرى تسمح بحرية الرأي والتعبير وهذه القوانين التي تعتبر الإساءة للدين عملا مخالفا للقوانين لا تزال موجودة على سبيل المثال في البندين 188 و 189 من القانون الجنائي في النمسا ووالبند 10 من القانون الجنائي في فنلندا والبند 166 من القانون الجنائي في ألمانيا والبند 147 في القانون الجنائي في هولندا والبند 525 في القانون الجنائي في إسبانيا وبنود مشابهة في قوانين إيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
 
 
 
ماذا جرى لحرية التعبير في الأردن؟
 
قال أنيس فوزي قاسم أكاديمي وخبير في القانون الدولي في حوار مع قناة الجزيرة طرأت على الدستور الأردني منذ صدوره عام 1952 ثلاثة عشر تعديلا طال المادة (15) منه -ولحسن الحظ- التعديل الـ13 الذي زاد في تحصينها.
 
فالفقرة الأولى من المادة (15) ظلت دون تعديل منذ صياغتها الأولى، ولا زالت تقرأ "تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون".
 
جاء التعديل الـ11 حيث أبقى على نص الفقرة الأولى، وأضاف فقرتين تبدأ كل منهما بكلمة "تكفل"، هما: تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي، وتكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر…"، وألغى التعديل أسلوب الرقابة على موارد الصحف، وأهمية التعديل الـ11 أن المشرع استخدم في الفقرتين المضافتين تعبير "تكفل".
 
ومن الملفت للنظر أن المشرع استخدم هذا التعبير دون غيره، فلم يستخدم مثلاً تعبير "لا يجوز للدولة أن تمسّ أو تقيّد حرية الرأي" أو تعبير "تمنح الدولة الأردني حق التعبير عن رأيه" أو غير ذلك من التعابير. وإذا تمسكنا بما يردده رجال القضاء والقانون من أن المشرع لا يلغو، فإن استخدام المشرع الأردني لكلمة "تكفل" كان مقصودا لذاته وينطوي على مغزى قانوني ذي أهمية خاصة في سياق حرية التعبير وحرية البحث العلمي والإبداع الأدبي وحرية الصحافة؛ فالكفالة في القانون، من حيث طبيعتها ونشأتها وتطبيقها، هي عقد تابع لالتزام أصلي، أي أن الكفالة ليست التزاماً أصليا، بل تتبع الالتزام الأصلي وتأتي في ذيله، فلو ذهب شخص للبنك لاقتراض مبلغ من المال، فوافق البنك على طلبه بشرط تقديم كفيل يضمن سداد القرض، فيكون عقد القرض هو الالتزام الأصلي، وعقد الكفالة عقدا تابعا للعقد الأصلي، فإذا انقضى عقد القرض، سقطت الكفالة بالضرورة.
 
وإسقاطا لذلك على النص الدستوري الأردني الذي نحن بصدده، فإن الدولة "تكفل" حرية الرأي، والتزامها بالكفالة هذا التزام يتبع الالتزام الأصلي الذي هو حق الأردني في حرية التعبير وإبداء الرأي، وهو حق أقدم وأسبق من تشريع الدستور وظهور الدولة للوجود، والتي ما إن تكونت وتشكلت ووضعت عقدا اجتماعيا للأردنيين -كما عبر عنه دستور عام 1952- حتى التزمت الدولة بـ"كفالة" حقوق سبق قيامها وسبق قيام دستورها، وكأن حرية التعبير حق من الحقوق الطبيعية التي تولد مع الإنسان وتسبق وجود الدولة. 
 
و بحسب مؤشر حرية الصحافة لعام 2020 فقد تقدّم الأردن بواقع مرتبتين ضمن 180 دولة في العالم، وفقا لتقرير منظمة  "مراسلون بلا حدود"، الذي صدر بالتزامن مع اليوم العالمي لحريّة الصحافة الذي يصادف الثالث من أيّار/ مايو، من كل عام.
 
عربياً، حاز الأردن على المرتبة 6 بعد تونس، جزر القمر، لبنان، موريتانيا، والكويت.
 
و قال وزير الدّولة السابق لشؤون الإعلام أمجد عودة العضايلة، إن الحكومة سعت وتسعى للارتقاء بوضع الأردن على المؤشرات الدولية المرتبطة بالحريات الصحفية وما يرتبط بمواثيق وتعهدات مرتبطة بهذه المسألة".
 
"هدفنا ترسيخ مكانة الأردن من حيث احترام الحريات الصحفية والرأي الآخر"، بحسب العضايلة.
 
وفي ظل أزمة فيروس كورونا المستجد وتأثيره على الصحف الورقية، قال: "حصلنا على الموافقات الصحية لإعادة نشر الصحف اليومية لكن إداراتها لا ترى جدوى اقتصادية لذلك حاليا".
 
حرية الرأي والتعبير بين الحق والمسؤولية
 
أضحت الحق في حرية الرأي والتعبير من الحقوق التي يجب أن تصان لكل إنسان على وجه البسيطة، نظرا لأهمية هذا الحق الذي يتعلق بأهم مطلب من المطالب الإنسانية المتمثلة في "الكرامة الإنسانية" المتصلة بذات الإنسان وطبيعته، ومن تم فمن حقِّ كل إنسانٍ بمختلف بقاع العالم أن يتمتع بها. بغض النظر عن ثقافته أو عرقه أو جنسه أو لونه.
 
والجدير بالإشارة أن حرية الرأي والتعبير تعد من أهم القضايا التي لازمت الإنسانية عبر أزمنتها المتعددة، ومراحل تطورها المختلفة، فهي في نفس الوقت من أثمن المطالب التي ناضلت البشرية من أجلها، حتى أصبحت جزء من النضال البشري عبر مختلف العصور والأزمنة.
 
وأضحت حرية الرأي والتعبير من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الإنسان، فهي حق موضوعي تحضا بأهمية خاصة في المجتمعات الديمقراطية ، وتعد شرطا أساسيا لرقي المجتمع وانفتاحه.
وفي ذات السياق يستوقفني ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 19 الذي جاء فيها على أن " لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير..."
 
كما تم التنصيص عليها كذلك في المادة 10 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان التي جاء فيها أن لكل شخص الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية الرأي وحرية التلقي أو نقل المعلومات أو الأفكار من دون تدخل السلطات العامة.
 
وفي الختام نقول إنه لا توجد هناك حرية رأي وتعبير مطلقة, لان هناك مقدسات عند الغير لا يجب المساس بها و خطابات العنصرية و تكفير من لم يكفر نفسه بنفسه و الاقرار بذلك علنا. و ايضا الالتزام بالقوانين, و عدم اعمال "شرع اليد" لانه مثلا حتى و لو قال احدهم انا كافر و لم يرتكب جريمة معترف بها قانونيا مثلا الاعتداء على شخص ما جسديا او التجسس على المسلمين و التامر عليهم او شيء من هذا القبيل فلا يمكننا محاكمته على ايمانه, فهذه مسالة قلبية روحية و الله يهدي من يشاء. هناك فرق بين المساس بالمقدسات عبر السب و الشتم و اللعن و ابداء راي في موضوع معين من اجل الحوار او المناظرة. هذا مثال بسيط لسن قوانين تقيد حرية التعبير. فلا يمكنك سب مقدسات و ثوابت الناس و لعنهم في عقر دارهم و القول هذه حرية التعبير. هذه قلة ادب و ليست حرية تعبير.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد