قط بلدي

mainThumb

20-06-2009 12:00 AM

المهندس هشام عبد الفتاح الخريسات
عند أحد المنعطفات المتوحلة بعد زخة مطر صادفت قطا بلديا في منتصف الشارع يتمايل يمنة و يسرة متثاقلا مختالا كأنه عارضة أزياء زنجية، يحتفظ ببياضه و شقاره المنمل في النصف العلوي من جسده و يكاد يلتصق بوحل الطريق في جزئه السفلي و كأنه قطعة من لوحة فنية محترقة، و أخذت أقدامه مع الوحل تتلبد و تتبلد و كأن وحشية سيارتي و جبروت صدامها و ضخامة إطاراتها و نفثات محركها و زئير آلتها لا تعني بالنسبة له شيئا يذكر، توقعت أن يقفز أو يطير كما انتفض العصفور بلله القطر، توقعت أن يلتخم أو يلطخم أو يصطدم، على الإطلاق مما اضطرني أن أتنازل عن كبريائي و أوقف سيارتي و أعطل من ورائي حتى يمر موكب هذا القط البلدي الصعلوك وحده، و بعض المارة ينظر إلى هذا المشهد مبتسمين مستهزئين ناظرين إلي كفيل إفريقي مذعور من فأر حقير، مر القط البلدي متثاقلا، حسبته كسير قدم أو جبير يد، و لكنه كان في كامل قواه الجسدية، أما العقلية فكل من رآه يجزم بأنه كان مخمورا بل محششا مأفونا أفيونا، بغضب شديد مني مرت تلك اللحظات الثقيلات حتى عبر صاحب القطوطة، المشكلة أنه لم يكن قطا هرشا مكحكحا، بل هو شاب في مقتبل العمر، و الأصل أن يطفح بالحيوية و الحرارة و العنفوان، عندها فقط أدركت أنه قط بلدي فعلا .. و خصوصا أن هذه الحادثة كانت صبيحة إعلان نتائج الانتخابات النيابية التي جاءتنا بهؤلاء النواب "الأسود علينا". 



 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد