عيش وملح .. " واطعم الثم بتستحي العين " .. !!

mainThumb

19-03-2010 12:00 AM

 سالم أحمد عكور

كثيراً ما نسمع على ألسنة الكثير من الناس عبارة " ماكلين عيش وملح مع بعض " ، يتداولونها كأحد الدلالات على متانة أواصر الألفة والتقارب بينهم ، أو كنوع من التذكير الوقائي درئاً من وقوع " خيانة " فيما بينهم .. أو حين وقوع مشكلة بين أشخاص متقاربين حد الأخوة ..!!
وقد تكون أحياناً " العيش والملح " من باب اطعم " الثم بتستحي العين " ، أي بمعنى هناك الكثير من الولائم تقام على شرف أصحاب نفوذ وجاه في موقع المسؤولية ، وليس بالضرورة أن يكون المسؤول على رأس عمله أو ذي منصب مرموق في مؤسسات الدولة ، بل هناك الكثير من الولائم أيضاً تقام لأشخاص قد يكون لهم نفوذ داخل هذه المؤسسات بصورة غير مباشرة ، والرابطة فيما بينهم هيّ " إطعم الثم بتستحي العين " ولكنها في الواقع هيّ " كسرة عين " ..!!
قد تفرض علينا أحياناً مصالح العمل الاستدارة حول مائدة تحتوي على ما لذ وطاب من المأكولات من التي نعرفها والتي لا نعرفها ، وقد يكون وعلى الأغلب أن " المعزب " أي " صاحب الدعوة " أول مرة يسمع بهذه الأنواع من المأكولات أو أنه لم يتذوقها من قبل ، وقد تكون لا تتناسب مع ذوقه في الطعام ، يأكلها على مضض ، وكأنه في قريرة نفسه يقول مصلحة العمل هي فوق كل الأذواق والمهم هو الأهم ..!!
نعم هناك الكثير من الولائم تقام ذات طابع اجتماعي بمناسبات اجتماعية ، لكنها في نفس الوقت " قياساً بنوعية المدعوين " وحتى في عشاء الراحلين عن هذه الدنيا " الأموات " التي خصصت لله تعالى ، تجد أنه يغلب عليها دلالات المصالح المشتركة بين المعزب والضيف مما يندرج تحت ذات المفهوم ..!!
هذه االمفاهيم والتحايل على معانيها الصحيحة وكلٌ حسب غايته ومصلحته " كنوع من الترحيب أو بناء علاقات اجتماعية أو أو أو .. " هيّ عبارة عن أكذوبه نتأرجح عليها من باب " عزمت فلان وزير أو مسؤول إذاً أنا واصل " .. وكأنه لا يعلم أن القيم الأخلاقية هي الباقية وكراسي المسؤولية هيّ الزائلة ..!!
هناك العديد من الحالات السلبية والايجابية الناتجة عن هذا التشارك في " لقمة الطعام " .. !!
في الحالة الأولى " عيش وملح " :..
• هناك مجموعة من الناس تمتاز في الطمأنينة بالتعامل فيما بينهم ، يأخذون معنى " ماكلين عيش وملح مع بعض " على محمل من الجد وبمصداقية تامة في علاقاتهم ، ولا يشوب هذه العلاقة أي نوع من التجاوزات المقصودة لتشويه صورتها ، بل على العكس يسعى أطرافها جاهدين لتمتينها وزيادة أواصر التقارب بينهم أكثر فأكثر وهي أجمل الحالات وأشد ما نحتاجة في أيامنا هذه في التعامل الصادق فيما بيننا ..!!
• هناك مجموعة من الناس " الخونة " الذين يقتنصون الطمأنينة من قلوب الذين استسلمت جوارحهم لهذا المفهوم " ماكلين عيش وملح مع بعض " وكانت الطمأنينة للغير تفوق الطمأنينة للذات ، فوجدوا أنفسهم يقعون في شرك هؤلاء الخونة الذين لا يعرفون للحلال طريقاً ، سوى مآربهم السيئة . وهذه الحالة التي لا بد من أن نسعى لإجتثاثها من ذاتنا ومن مجتمهنا ، لأنها إن تفشت فيما بيننا سيسود الفساد بكل أوصافه في هذا المجتمع ، منهم من شهد بالباطل لصالح من أكل معه لقمة طعام " عيش وملح " أي نصر الظالم على المظلوم وتجاوز عن حدود الله في العدل ..!!
أما الحالة الثانية " اطعم الثم بتستحي العين " :..
• إن هذا المفهوم يتمتع بأنيابٍ شرسة من المُطعِم ( بضم الميم وكسر العين ) ، وضحية سهلة يتصف بها الذي أكل الطعام ، فلولا وجود حاجة للمضيف " وعلى الأغلب خارجة على القانون " لدى هذا الضيف " الذي هو في موقع المسئول ، لما أولم أو أطعم .. وهيّ بعينها " الرشوة " التي قال فيها الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم : لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما. والرشوة هي أساس فساد الأمم والمجتمعات ، لأن بها تتحول الحقوق لغير أهلها ويظلم البريء ويبرأ الظالم ..!!
• لكن أيضاً لهذا المفهوم جزئية لا تخلوا من الايجابية السمحة لدى بعض المجتمعات العشائرية التي تسعى إلى استئصال الخصام بين قبائلها ليسود الصلح والوئام ..!!
ومهما ساقتنا عاطفتنا في علاقاتنا الاجتماعية و الإنسانية تجاه البشرية التي وصلت إلى حد كبير من درجة " الهبل " وبغض النظر عن ماهية هذه العلاقة ، أجتماعية أو عاطفية أو إنسانية أو حتى علاقة عمل .. يجب أن لا تثنينا عما شرع رب العزة في شريعته الإسلامية من ترسيخ عدل السماء على الأرض ..!!
akoursalem@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد