الأكاديميا والمسؤولية الاجتماعية 1 – 3

mainThumb

31-08-2008 12:00 AM

لا شك أن هناك علاقة وطيدة بين العلم والمجتمع، وتؤثر هذه العلاقة في اتجاهات واهتمامات ومن ثم جهود وسلوكيات ودراسات وأبحاث العلماء ولا سيما أساتذة الجامعات والعاملين في مراكز الأبحاث والدراسات.

وفي القرن الحادي والعشرون أضيف إلى هذه العلاقة متغير جديد وهو التكنولوجيا والتي بدورها أسهمت في إحداث تغيرات جذرية في العلاقات الإنسانية وأنماط التفكير والتفاعل على مستوى العالم في العقود الأخيرة الماضية، وأبرز ملامح هذه التغيرات ما يلي:

1- العولمة وما نتج عنها من تطورات أسهمت في سرعة ويسر وسهولة الاتصال وانتقال الأفراد والأفكار والسلع والخدمات بين المجتمعات.

2- الثورة الديمقراطية في العالم وسيادة قيم المساواة والعدالة والمشاركة السياسية واحترام حقوق الإنسان.

3- تنامي دور وأهمية القطاع الخاص في كافة مجالات النشاط الإنساني وتراجع دور الدولة في عملية التنمية الإنسانية بأبعادها المختلفة.

4- تداخل العلوم والمعارف الطبيعية مع الإنسانية والتطبيقية مع النظرية أو ما بات يعرف في أدبيات المعرفة Inter-disciplinary studies. أن التطور المعرفي الهائل الذي شهده العالم في الخمسين سنة الماضية وما ترتب عليه من إنجازات وابتكارات في شتى فروع المعرفة لم يأتِ صدفة أو من فراغ، ولا شك أنه كان لإسهامات النخب المثقفة والباحثين وأساتذة الجامعات دوراً بارزاً في هذه النهضة العلمية التي نمت بذرتها الأولى في تربة وأجواء أوروبا الغربية ثم انتقلت إلى عدد من دول العالم ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية. فالتقدم في أي فرع من فروع المعرفة كان ينعكس إيجابياً على المجتمع ويسهم في إحداث نقلة نوعية في اتجاهات وقيم وسلوكيات أفراده، ويمكن القول أن التقدم العلمي والتكنولوجي والحضاري الذي وصلت إليه دول الشمال The North كان ثمرة جهود النخبة المثقفة من قادة وفلاسفة وخبراء وأساتذة جامعات وباحثين وغيرهم من أبناء تلك المجتمعات.

بينما بقيت دول الجنوب The South غارفة في الفقر والجهل والتخلف فضلاً عن معاناتها شبه المستمرة من الحروب وعدم الاستقرار والكوارث والنكبات.

ولم تفلح جهود القادة والمفكرين وجهود العاملين في مؤسسات التعليم المختلفة في ردم الفجوة الهائلة بينها وبين دول الشمال. إن هذا التحدي الهائل الذي تواجهه دول الجنوب يفرض عليها إعادة النظر في كثير من الرؤى والسياسات والسلوكيات إذا ما أرادت دفع عجلة التنمية فيها وتحقيق مستوى متقدم من الرخاء لشعوبها.

ولا شك أن إعادة النظر في الكثير من السياسات والممارسات التعليمية هي حجر الزاوية في هذا المشروع التنموي النهضوي الطموح، وبالتالي فإن جزء كبير من المسؤولية يقع على النخب المثقفة ولا سيما أساتذة الجامعات باعتبار الجامعات مصانع العقول وحاضنات الإبداع ومنابر التميّز. إن المسؤولية الاجتماعية لأساتذة الجامعات في هذا المجال ذات أبعاد ومضامين أخلاقية اجتماعية وطنية وإنسانية وتقتضي من كل فرد منهم القيام بواجباته على أكمل وجه في التدريس والبحث العلمي وخدمة وتنمية المجتمع المحلي.

إن وظيفة التدريس هي أسهل الواجبات أو المهام التي يقوم بها أستاذ الجامعة ولذا فإننا سوف نتوقف عند الواجبات أو المهام الأخرى الأكثر صعوبة وهي أن يكون أستاذ الجامعة أيضاً باحثا Scholar منتجا للإبداع والمعارف العلمية وناشطا أو فاعلا Activist في المجتمع باعتباره أحد أهم عناصر الإصلاح وقوى التغيير والتحديث في المجتمع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد