"إن التاريخ يعيد نفسه"
لقد تكررت على مسامعنا مقولة " إن التاريخ يعيد نفسه " عند كثيرين عامة وخاصة نخب مثقفة ومتخصصين من أهل العلم والفكر دون أن نلقي لها وبالاً أو نقف على حقيقتها بالمناقشة والتحليل ، ونطرح التساؤلات حولها إذا ما كانت العبارة تثبت صحتها بالوقائع التاريخية وعلم التاريخ وشروط المعرفة التاريخية ، فإذا كانت عكس ما هي عليه ، ماذا يعني انتشارها على علاتها وما تخفيه من أبعاد ، التي قد لا يدركها الكثيرين منا ، وما هو أثرها على واقعنا الأردني بشكل خاص وخاصة أننا مقبلون هذه أيام على السويعات الأولى لتشكل مجلس النواب الجديد الذي كان احد ثمار تفكيرنا وطرق نهجنا في الحياة ؟! ولا أريده أن يكون مثل سابقيه وكأحد إفرازات هذه العبارة بمعنى إن يكون مجلس السادس عشر كالمجالس النيابية السابقة أو أسوءا منها.
والملاحظ أنها أصبحت مقولة تُقال في كل المحافل ، نُطرب بها الآذان ويكون وقعها مدوي بين السامعين في جميع الأوساط الاجتماعية والنخب الفكرية . فخطورتها لا تكمن في قولها مثلما يقوى أثرها في نتائجها وانعكاساتها وترتيبات المعنى المنعكس على الناس وطرائق تفكيرهم وقناعاتهم التي لن تتغير مع تقادم الزمن مهم اختلفت الأفكار وتغيرت المعتقدات بسبب صعوبة التغير ؛ فهي تكرس فينا الجهل وتعمق الفهم الخاطئ للأفكار والمفاهيم والمصطلحات ، وتجعلنا من عُباد النصوص من دون محاكة أو تفسير ، عندها ما الفائدة من القراءة أليس الفهم واكتشاف المستور فيها وتأويل النصوص وإنتاج معرفة جديدة فلا نريد لأنفسنا أن نكون نقليين لا عقلانيين ، فهذا القصور في الفهم وهذا النهج بالتفكير لا يسهم في تغيير المجتمع وعبودياته .
وهذا هو حالاً في امتنا العربية الإسلامية فمعظم نظريتنا الحديثة التي نأخذ بها هي غربية ومن بيئة خارج بيئتنا لذلك هي تخدم البيئة المحلية التي نشأت بها أكثر من خدمتها في بيئتها الجديدة وخاصة إذا علمنا أن منطلقاتها الفكرية تختلف كليا عن منطلقاتنا الفكرية لان ركائزها المعرفية تدور حول مركزية بيئتها المتولدة بها ، فالتغيير يتطلب كاتباً واع وقارئ أكثر واعياً ليسهم كلاهما في إنتاج الثقافة المحدثة للتغيير المصحوبة برصانة العلم الذي يحملون وقوة ركائزه التي يعتمد عليها لتكون دافعة للأمام في إحداث التنمية والوعي المجتمعي.
فعلينا أولاً ، أن ندرك أهمية المعرفة التاريخية ، فكل علم وأية ثقافة نستمد تاريخها من التاريخ بما يسمى بالمعرفة التاريخية ، فبها نتمكن من معرفة ما جهلنا به واكتشاف الأخطاء التي وقعت بها التجارب الإنسانية السابقة والقصور في الجوانب المعرفية بعامة والتنبوء بقراءة منطقية بالمستقبل ووضع الخطط المستقبلية استعدادا للمرحلة المقبلة ، فعظمة المعرفة التاريخية كبيرة لا يمكن إدراكها ليس من باب الحصر بين العلوم إضافة إلى الحصيلة الثقافية التي نؤسسها من خلال قراءة التاريخ قراءة واعية لما فيها ، فصدق القائل حسن حسني عبد الوهاب عندما قال " من اعتنى بالتاريخ ضمّ إلى عمره أعماراً " ويزيد عليها ابن خلدون بمعرفته قائلا ، " إذ هو ( يقصد التاريخ ) في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول , والسوابق من القرون الأولى , وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ( الحوادث ) ومباديها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها … " .
فتكون الحدث التاريخي مشروط بشروط وعناصر معرفية لتحققه وأي معرفة تاريخية خارجة عن هذه المعرفة الشرطية المكونة في أساسها للحدث التاريخي، تحدث الخلل المعرفي الذي يسقط الحدث أو الخبر - سمه ما شيت - من سياقاته التاريخية وعناصره المكونة لأجزائه ، وهي ثلاثة: الإنسان الذي يحدث الفعل وبعض المؤرخين أسموه بصانع التاريخ من خلال مجريات الأحداث التاريخية التي يكون مسؤول عنها الإنسان بمحوره الأول المشكل لتاريخه ولا يعني ذلك أن الإنسان هو وحده المتحكم في الصيرورة التاريخية بل إن الحدث التاريخي بمجملة يسعى دائما إلى تكوين روح العصر الذي يعيشه الإنسان لقناعته الخاصة أو أهدافه الشخصية المتشكلة من ثقافة مجتمعه وأمته وهذا ما ذهب إليه هيجل عندما قال " أن عظماء التاريخ مجرد أدوات لتحقيق روح العصر " وقال سارتر " إذا لم أكن أنا صانع التاريخ فذلك لان أخر غيري قد صنعة " .
والمكان الذي يقع فيه الحدث وأسباب وقوعه في هذا المكان بالتحديد الراجعة إلى أسباب ظرفية في وقتها ، هي التي دفعت في الإنسان الماكث فيه إلى تشكل هذا الحدث التاريخي في هذا المكان ، كأن يحدد القائد العسكري مكان المعركة ويجبر العدو على أن يخوض المعركة في هذا المكان والحوادث التاريخية كثيرة في هذا الشأن ، إضافة إذا ما عرفنا من علاقة التبادل بين الإنسان والمكان فكل منهما يضفي طابعة على الأخر ، فالمكان يسهم في تشكل وعي الإنسان وفكره والإنسان يضفي إنسانيته بصفاته وبنيته ،وهذه العلاقة الحميمة مع الزمن يفهم الإنسان تبادليتها .
وثالثاً : الزمان تاريخ الفعل وهو إشكال كبير بين المؤرخين هل الإنسان هو الذي يختار زمان الحدث أم إن الظروف هي التي تختاره في زمان معين وعصر ما أم طبيعة الحدث التاريخي . ولا تكمن قيمة العلاقة المتشابكة بين العناصر الثلاثة بتكويناتها الظاهرية بل في مكون قيمتها المكانية والزمنية والإنسانية التي يؤرخ له مره باعتبارها وحده مستقلة ومرة باعتبارها وحدة مرتبطة مع بعضها البعض لتؤسس فعل وتطور الحدث التاريخي .
فلنفكر مليئا بهذه العبارة وغيرها من العبارات التي نرددها في كل الجولات والمناسبات ، دون الوقوف عليها بالنظر والتحقق ، ولا تعني دعوتي أن نلغيها بل نلغي ما يثبت منها بالخطأ بعد مناقشتها ومدى واقعيتها للعلم والمعرفة المحكومين بالمنطق ، لندفع بأنفسنا وبأمتنا إلى مراتب متقدمة بين الأمم ، لتكون احد تشكيلات التغيير فينا لا احد المثبطات التي تدفع بنا إلى الانهزام والاستسلام .
أبراج المراقبة في العصر الرقمي
رحيل فخري العكور أحد أعمدة الإعلام الأردني
انخفاض قليل في درجات الحرارة اليوم
انتهاء تقديم طلبات الاستفادة من المنح الخارجية مساء الأحد
أسعار الذهب والليرات الذهبية في الأردن الأحد
تحذير من الضباب خلال الصباح الباكر من الأحد وحتى الثلاثاء
الاغتراب الاجتماعي في عصر وسائل التواصل
منتخب السيدات يلتقي السعودية واوزبكستان
فصل الكهرباء عن هذه المناطق الأحد .. أسماء
براد كوبر يختتم زيارته الأولى لإسرائيل
وزير أسبق: إسرائيل تنفذ صفقة القرن بالدبابات والقوة
المصري يستعرض أبرز إنجازات قطاع التنمية الحضرية
ترقيات وتعيين مدراء جدد في التربية .. أسماء
ظهر بفيديوهات .. القبض على شخص استعرض بالسلاح والتشحيط
صور تثير التكهنات حول استشهاد محمد السنوار بغزة
مهم للطلبة .. تفاصيل اختيار الحقول الدراسية
قرار حكومي بشأن نظام ترخيص السوَّاقين
روبوتات شهيرة تتجاهل أسئلة حساسة حول الانتحار
العثور على جثة شاب داخل محل تجاري باربد
هيئة النقل البري تحدد موعد الاختبار الإلكتروني .. أسماء
مهم بشأن الإعلان المفتوح للتوظيف بالقطاع العام
وليد المصري رئيساً لكتلة حزب عزم في مجلس النواب
تفاصيل محاولة اغتيال الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة
الإقراض الزراعي يدعو المواطنين لاستكمال التعيين .. أسماء