ما هكذا تورد الابل يا وزير العمل
أناط الدستور الأردني مهمة تفسير القوانين بديوان تفسير القوانين إذا لم يكن القضاء قد تولى هذا الأمر ، ويعلم أي مشتغل بالقانون أن مهمة تفسير العقود والاتفاقيات تنحصر في القضاء ومن يقوم مقامه كالتحكيم .
وأمر تفسير العقود والاتفاقيات لم يترك على عواهنه ، ولم يترك للاجتهاد بالمطلق بحيث يتولى المفسر الأمر فيورد رأياً دون أي ضوابط أوقيود .
فالعبرة عند تفسير العقود تكون بالارادة الظاهرة لا بالارادة الباطنة ، وعلى المفسر وهو هنا القاضي او من يقوم مقامه كالمحكم حيثيجب عليه الوقوف عند الصيغ والعبارات الواردة في العقد واستخلاص معانيها الظاهرة دون الانحراف عن المعنى الظاهر الى معان أخرى بحجة أنها هي المعاني التي تتمثل فيها الارادة الباطنة ، فهذا الوجه من وجوه الارادة ما هو إلا ظاهرة نفسية لا تعني المجتمع ، والذي لا يعنيه سوى الارادة الظاهرة التي اطمأن إليها كل من المتعاقدين في تعامله مع الآخر .
والقاضي الذي يتصدى لمهمة تفسير العقد يقف عند الصيغ الواردة في العقد ، فيحللها تحليلاً موضوعياً لاستخلاص المعاني السائغة والتي تمثل ارادة المتعاقدين ، فإذا كان المعنى غير واضح وجب تبيان نية العاقدين ، أما إن كان المعنى المستخلص من العرف أو الشرع واضحاً فلا يجوز الانحراف عنه إلى غيره .
لم يعتد الفقه الاسلامي وهو أحد مصادر التشريع الأردني سوى بالارادة الظاهرة التييتوجب استخلاصها من العبارات والصيغ التي استعملها المتعاقدان لأن في ذلك استقرار للتعامل وتحقيق للثقة المشروعة التي وضعها كل من المتعاقدين في الآخر ، فالعبارات هي التي يعتد بها ومنها وحدها تستخلص الإرادة .
وقواعد مثل الأمور بمقاصدها ، وأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني لا تعني أن المشرع يعتد بالارادة الباطنة ، بل المقصود أن الذي يعتد به المقاصد والمعاني التي تستخلص من العبارات والصيغ المستعملة او من دلائل موضوعية وعلامات مادية فلا تجاوز هذا البحث الموضوعي الى بحث ذاتي نستشف به الضمير ونستكشف به خفايا النفوس .
ولتدعيم هذا الأمر فهناك قواعد ثلاث استقر الفقه والاجتهاد القضائي والتشريع عليها بغرض تفسير عبارات العقود ومنها : الاصل في الكلام الحقيقة ومعناها أنه لا يجوز حمل اللفظ على المجاز اذا امكن حمله على المعنى الحقيقي , ولا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح فاذا تعارض المفهوم صراحة مع المفهوم ضمنا , قدم الاول على الثاني , لان الدلالة المادية في الصريح ابلغ , ودليل الشيء في الامور الباطنة يقوم مقامه , يعني انه يحكم بالظاهر فيما يتعذر الاطلاع عليه .
كما أورد المشرع واستقر الاجتهاد القضائي على قاعدة مهمة في تفسير العقد وهي : يفسر الشك في مصلحة المدين وهذا النص يتفق كل الاتفاق مع قواعد تفسير العقد في الفقه الاسلامي ، وأن اليقين لا يزول بالشك .
هذه المقدمة نسوقها ابتداء وقبل مناقشة الفتوى القانونية التي تصدى لها معالي وزير العمل دون أن يكون له اختصاص باصدار مثل هذا الرأي ، ففي 3 آب 2025 وجه معاليه كتاباً حمل الرقم 26531/1/علاقات عمل، الى نقيب أصحاب المدارس الخاصة تضمن نسفاً - وانحيازاً لطرف ضد الآخر- دون وجه حق لاتفاق العمل الجماعي المبرم بين نقابة أصحاب المدارس الخاصة ونقابة العاملين في المدارس الخاصة ، رغم أن دور وزارة العمل في تلك الاتفاقية اشرافي لا أكثر ولا أقل ، والغريب في الأمر أن فتوى معاليه جاءت بعد عامين تقريبا من ابرام الاتفاقية المذكورة والتي تم ابرامها في العام 2023 ونشرت في الجريدة الرسمية ولم يعترض أي طرف عليها في حينه ،وبدأ الاطراف في تطبيقها اعتبارا من العام 2024/2025 .
لكن لماذا كان رأي معالي وزير العمل بمثابة النسف لاتفاقية العمل الجماعي ؟ ولماذا نراه انحياز لأحد طرفي العقد ؟
أولا : نصت اتفاقية العمل الجماعي المبرم بين النقابتين المذكورتين .. " وبحضور وزارة العمل كجهة رسمية اشرافية .." والمعنى المفهوم من هذا النص أن وزارة العمل ليست طرفاً في تلك الاتفاقية ولا يحق لمعاليه التصدي ملهمة تفسير الاتفاقية وأن أي رأي يبديه لا يلزم أي من اطراف العقد .
ثانيا : جاء في البند رقم 9 من الاتفاقية المشار إليها " يستمر العمل بعقد العمل الموحد الحالي حتى نهاية العام الدراسي 2023/2024 " والمعنى المستخلص من هذا النص أنأي عقد عمل مبرم قبل تاريخ 23/8/2024 وهو تاريخ سريان عقد العمل الموحد الجديد المرفق باتفاقية العمل الجماعي تعتبر منتهية حكما ً بكل ما لها من آثار قانونية ويبدأ سريان عقد العمل الموحد الجديد اعتباراً من 23/8/2025 .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : وماذا عن قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ؟ هذه العبارة التي كررها معالي وزير العمل في كتاب المذكور .
لو آمنا بأن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين تطبق على عواهنها لقلنا أن رأي معاليه سليم من الناحية القانونية ولا غبار عليه ، لكن الأمور ليست كذلك وخصوصاً فيما يتعلق بعلاقات العمل التي يكون أحد طرفيها في مركز أقوى من الطرف الآخر ، إذا ضرب المشرع الأردني عرض الحائط بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وتدخل لتنظيم العلاقة بين الطرفين واعادة التوازن لتلك العلاقة ، فمنع العامل من التنازل عن حقوقه المقررة قانوناً بموجب قانون العمل أو أي تشريع آخر ، ومنع أيضاً تقاضي العامل راتباً يقل عن الحد الادنى للرواتب ، ومنعه من الاتفاق على التنازل عن حقوقه في الاجازة السنوية ، والأكثر من ذلك أن المشرع اعتبر في المادة 4/ب من قانون العمل يعتبر باطلا كل شرط في عقد أو اتفاق سواء أبرم قبل هذا القانون أو بعده يتنازل بموجبه أي عامل عن أي حق من الحقوق التي يمنحها أياه هذا القانون ، وبالتالي فإن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين لا مجال لتطبيقها على اطلاقها في علاقة العامل برب العمل .
إن الرأي القانوني الذي أبداه معالي وزير العمل في كتابه المشار إليه مس بالمركز القانوني للعاملين في قطاع التعليم الخاص ، ومثل انحيازاً واضحاً للطرف القوي في علاقة العمل دونما سبب أو مبرر قانوني ، بل يمكن القول انه انتقص من حقوق العاملين لصالح أرباب العمل .
كان حري بمعالي وزير العمل ترك الامر للقضاء ليبدي رأيه وحكمه بدلا ً من تصديه المنحاز لتفسير الاتفاقية وترتيب أحكامها لمصلحة الطرف القوي ضد مصلحة الطرف الأضعف .
وليسمح لي معالي الوزير أن اسأله غن كان حامياً لحقوق العاملين في قطاع المدارس الخاصة كما يوجب عليه القانون ؟وأين هو ووزارته من المخالفات المرعبة التي ترتكب في هذا القطاع ومن تغول أصحاب هذه المدارس على حقوق العاملين فيها والافتئات عليها – مع وجود عدد منهم يحترم حقوق العامل ويؤديها على أتم وجه - ؟
معالي الوزير : اسمح لي أن أطلب منك الحيادية وعدم الانحياز لطرف يمتلك المال والسطوة ، ضد طرف بلا حول ولا قوة تذله لقمة العيش وتجعله يرضخ لارادة ذلك الطرف القوي ويقبل بشروطه المجحفة كتوقيع كمبيالة ، أو استقالة مقرونة بعقد العمل فور ابرامه ؟ ما الذي فعلته يا معالي الوزير للتصدي لمثل هذه الظواهر ؟ لقد جاء اتفاق العمل الجماعي بحقوق مثلت جزء بسيط من حقوق اهدرت فيما مضى لتأتي أنت يا معالي الوزير وتعيد الامور الى نقطة الصفر فتهدر هذه الحقوق لتعود المعارك بين الطرفين من جديد ؟ وما تشهده باحات المحاكم الآن مثال حي على ما ذكرته سابقا ً وأصحاب المدارس الظالمة للعاملين فيها متمترسين خلف فتواك التي لا أجد لها أصل في القانون أو اجتهادات المحاكم .
معالي الوزير .. لي عودة اخرى في مقال آخر .. لأنقض أمراً آخر أبرم بليل ودون أن ينشر وهو ما سيمثل انتكاسة أكبر من الانتكاسة التي جاءت بها فتوى معاليك ..
نتنياهو يصف نظيره البلجيكي بالقائد الضعيف
المومني: الخطاب الأردني دائما متزن
مهم للاجئين المسجلين خارج المخيمات بالأردن
قاضية أميركية تلغي قرار ترامب تجميد تمويلات لهارفرد
سميرة توفيق تتعرض لوعكة صحية مُفاجئة
غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
ما هكذا تورد الابل يا وزير العمل
تشكيلات أكاديمية في البلقاء التطبيقية .. أسماء
ارتفاع مؤشر نازداك الأميركي الأربعاء
ملاحظات حول آلية اختيار رؤساء الجامعات
سلامي: المرحلة المقبلة ستتضمن تنوعا بالمدارس الكروية
وسائل الاتصال والحرية والمسؤولية
دعوة لمواطنين بتسديد مستحقات مالية مترتبة عليهم
أول رد من البيت الأبيض على أنباء وفاة ترامب
ترقيات وتعيين مدراء جدد في التربية .. أسماء
ادعاءات باطلة من لندن في قضية إربيحات
مهم لمالكي العقارات بشأن اشتراط وضع سارية علم
الاحتلال يزعم اغتيال أبو عبيدة
وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات الشخصية .. أسماء
تقدم مشروع الناقل الوطني وإنجازات جديدة بقطاع المياه
عطا الشمايلة … عفوية تقهر قسوة الحياة .. فيديو
تفاصيل جديدة في جريمة مقتل النائب الأسبق أبو سويلم ونجله
ظهر بفيديوهات .. القبض على شخص استعرض بالسلاح والتشحيط
أسماء الدفعة الثانية من مرشحي بعثات دبلوم إعداد المعلمين .. رابط
مناقشة أول رسالة ماجستير في الصيدلة بالجامعة الهاشمية