استراتيجية اكل المنسف

mainThumb

16-01-2011 02:00 PM

حدثني صديق يمتاز بالخُبث والدَّهاء وسَعةِ الحيلة، عن الاستراتيجية التي ينتهجُها عندما يتمُّ دعوتُه إلى وليمة في فرح أو عرس وبالطبع يكون شعار الوليمة هو المَنْسَفَ الأردنيََّّ. فقال: عند وصولك إلى بيت المْعَزِّب صاحب الدعوة، عليك باختيار أفضل الأماكن فيه، وبالتحديد يكون هذا المكان بالقرب من أحد الوجهاء المدعوِّيين، واحرصْ على أنْ تبادرَه السلام َبكنيته (أبو فلان) لِتُشْعِرَ الآخرين في المجلس بمعرفته الوثيقة بك حتى ولو لم يَرَ أو يتصبَّح بطلَّتك البهيَّة من قبل. وأرفقْ ذلك بابتسامة الواثق من هذه ْالمعرفة.



وهنا في هذه الخطوة تكون قد حقَّقْتَ لنفسك جوا من إضفاء الهيبة و احترام الضيوف والمعازيم. ولْتكن جِلْسَتُكَ مَهيبةَ الجانب؛ ولا مانع هنا من استخدام المسبحة والتمتمة بالتهليل والتسبيح، تكون خلالها قد أعددَّت نفسكَ للخطوة اللاحقة وهي المراوغة بين الجمع عندما يُعلنُ المعزِّب بصمت مرتفع: اتفضلوا عالميسور، هنا عليك مجاورة الوجيهِ سابق الذِّكرِ على نفس الصِّدْرِ بذلك تضمن أنك وقعت على المَنْسَفِ الذي عليه رأسُ الذبيحةِ، والذي من خصائصه وسماته؛ الجودةُ، ووجود الرأس دلالةً على قيمة ووجاهة مَنْ يكونُ حوله،




 ومن ميزاته أيضا كثرةُ اللَّوز، والبقدونس، والمُحسِّنات، والإكسسوارات الأخرى.وهنا يُنْصَحُ بأخذ نَفَسٍ يتكون من شهيق وزفير هاديء استعدادا إلى ما هو أهمُّ وأخطر. وعندما يعلنُ المعزِّب مرة أخرى لتناول الطعام، عليكَ بالرَّويَّة والهدوء واستجماع الخطوات المرحلية اللاحقة ففيها مربط الفرس، وعليك أنْ تتعاملَ مع الموضوع استنادا إلى بعض المسلمات الضَّروريه ومنها، أنَّ رأسَ الذبيحة مالٌ مشاع للجميع؛ فابدأْ به، واترك هَبْرَةَ اللحمِ التي أمامك إلى آخر خطوة فهي مضمونة لايُزاحمُكَ أحدٌ عليها. وكي تُشْعِرِ مجموعتَك بخصلة الإيثار لديك والتي تتحلَّى بها،




 قم باستلال اللِّسان وتوزيعه على جيرانك من باب حُسْنِ الجيرة،وذكِّرْهم بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام بحقوق الجار، تقومُ خلالها بتنظيف الرأس مما علق به من لحم مادام القومُ مشغولين باللسان والتفاوض معه. وهنا أعودُ وأذكِّرُكَ بعدم الاقتراب من قطعة اللحم التي أمامك. كما أوصيكَ بعدم تناول اللوز والمحسِّنات فدورها لم يحن بعد.وأردفَ صديقي وهو ينفحني بمكرمته ووصيته قائلا: بعد الانتهاء من المشاع المطلق المتمثِّل بالرأس،




عليك بالقطعتين اللتين على يمين هَبْرَتِك وشمالها؛ فهاتان القطعتان تقعان في الحدود الإقليمية، وهنا يبرزُ اتِّقادُ ذهنكَ وبصيرتكَ في كيفية الاستيلاء عليهما بطريقة لاتلفت أنظار الواشين والحاسدين، وذلك عن طريق تناول الأرزِّ الذي في طرفِ كلٍّ منهما شيئا فشيئا حتى يفرغَ ماتحتهما وتسقطان في حِماكَ وحدودِ منطقتكَ، ثم قمْ بالتهامهما دون أن تغفلَ عيناك عن محاولات جاريك البائسَيْنِ في استرداد ما تبقى منهما ، وأُذَكِّركَ مرةً أخرى بعدم الاقتراب من الإكسسوارت فدورها لم يحن بعد.




 إذن، بعد الانتهاء من المشاع وشبه المشاع، عليك بتناول بعض الشوربة والمليحية للتهضيم ويُنْصَحُ هنا بأخْذِ نَفَسٍ هاديءٍ لأنك تخطَّيْتَ مرحلةَ الخطر ولم يتبقَّ غير الهَبْرَةِ التي أمامكَ والتي لايستطيع أحدٌ التطاولَ عليها بعدما رأى القومُ أفعالكَ. حيث قم ْبالتهمامها على أقل من مهلك مع بعض المداعبات هنا وهناك بعد أنْ استقرتِ الأمورُ وهدأ البالُ. وفي المرحلة الأخيرة لاضرر من التقاف حبَّات اللَّوز وأكلِها حبة حبة على رأي فيروز.وبعد البلاء الحسن الذي قمتَ به في هذه المعمعة لابدَّ من شكر الله وحمده والدعوة لصاحب الوليمة بالخير والبركة. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد