يعز من يشاء ويذل من يشاء

mainThumb

15-02-2011 03:26 AM

أنها سنة الله النافذة في خلقه أن يرفع أقوام ويجعلهم أعزة، وبين ليلة وضحاها يسلبهم هذه العزة لتحل مكانها ذلة ما بعدها ذلة، تجعل من سنوات العزة التي عاشوها وعاثوا فيها فسادا مجرد لحظات عابرة ، فمنذ قديم الزمان وقبل مجيء النبي عليه الصلاة والسلام مضت هذه السنة الالهية على أصحاب الجنة الذين ظنوا انهم بجنتهم الوافرة الظلال قد ملكوا الدنيا وما عليها من بشر، فأرسل الله عليها جنودا من عنده فأصبحت خاوية على عروشها وأصبحوا من أفقر أهل الأرض، كل ذلك بسبب ظلمهم للناس وعدم تطبيق شرع الله في إعطاء الناس حقوقهم.



ان الظلم والعزة لا يجتمعان ابدا ، وان كان يخيل للبعض ان بعض الظالمين يعيشون في رغد من العيش وعزة بين الناس فان هذا مجرد عيش مؤقت سرعان ما يزول مهما طال، فهو كما قال رب العزة عنه استدراج لهم قال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42، ان ما حصل لرئيس تونس المخلوع  الذي طرد من بلاده شر طرده، وما يحصل الان في مصر ما هو الا تطبيق عملي معاصر لهذه السنة الربانية ، التي غفل كثير عنها بسبب  الاغترار بالدنيا والانجرار وراء متاعها، فالمتتبع للظلم الذي كان يلحق بشعب تونس إبان حكم الرئيس المخلوع لا يتصور او يصدق انه يحدث في بلد إسلامي ، فالأخبار التي كانت تتواتر من هناك من منع للناس من العبادة في المساجد وتضييق على المحجبات، ومصادرة للحريات واعتقالات ، كل هذه  الأفعال الظالمة كانت لها نتيجة واحدة ان مصير عزيز تونس ان يصبح ذليلا يوما ما وهذا ما حدث فعلا، فالظلم  والعزة لايجتمعان ابدا.

وما يحصل في مصر اليوم ليس ببعيد عن التوصيف الذي ذكرته انفا حق تونس، أضف الى ذلك المليارات المنهوبة من جيوب فقراء الشعب المصري، والإقطاعيات الموزعة بين الفاسدين ، فهذا يحتكر صناعة الحديد في مصر لعلاقته بفلان، وذاك يحتكر تصدير الغاز لصداقته بفلان، وأخر يشتري أراضي بمبلغ زهيد ثم بعد فترة يدخلها في التنظيم بحكم وظيفته ، ليرتفع سعرها إلى عشرات الأضعاف، في المقابل رب أسرة   يخرج من الصباح الى المساء ليعود بثمن رغيف الخبز لأبنائه، وأخر يعتقل لأنه أبدى رأيه فيما يراه في بلده ،  ليغيب في غياهب المعتقلات وفق  قانون الطوارئ المعمول به هناك،  ان ما يحدث اليوم من ثورة في مصر هو نتيجة طبيعية لما سبق ذكره من أحداث وجرائم ، فالظلم الذي لحق بالشعب المصري لابد له من نهاية، والضغط الذي يمارس عليه لابد له من انفجار، ويبدوا ان النهاية والانفجار قد أزفتا، وأزف معها الرحيل للبعض، لتصدق السنة الربانية في العزة والذلة على النموذج المصري كما صدقت على النموذج التونسي، كيف لا وهي سنة من عند رب العالمين سبحانه وتعالى.



ان هذه السنة الربانية لن تقف عند النموذجين التونسي والمصري، فعلى ما يبدوا أنهما باكورة انهيار بعض الأنظمة الظالمة، وستمتد هذه السنة لتطال كل نظام مستبد ظالم لشعبه، ناهب لخيرات ومقدرات بلده، ونحن في الاردن وبحمد الله تعالى في منأى عن أن يطبق أي من النموذجين السابقين عندنا، فلقد حبانا الله تعالى بقيادة هاشمية واعية لمخاطر الظلم والاستبداد والفساد، فجعلت هذه القيادة شعارها العدل والمساواة بين جميع أبناء هذا الوطن، ومحاربة الفساد أينما وجد ، لأنها تعلم علم اليقين أن العدل أساس الملك،  فكما قيل لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكمت فعدلت فامنت فنمت.



ولو أراد أي إنسان ان يعقد مقارنة بين تونس ومصر من جهة وبين الاردن من جهة أخرى ، لعجز عن عقد هذه المقارنة، فقياس الأردن بالنموذجين السابقين هو قياس باطل ، ففي حين كانت الأجهزة الأمنية في تلك البلاد تسهر لساعات الفجر الأولى لتدق بيوت الآمنين من أبناء شعبها فتعتقل الرجال وتروع الأطفال وتنتهك الحرمات، كانت الأجهزة الأمنية لدينا تسهر الليل ايضا لكن تسهره حامية لأمن هذا البلد ومواطنيه ولكي ينعم أبنائه بنوم آمن، فشتان بين الأردن وبين النموذجين السابقين.



ان القيادة الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ستبقى عزيزة رافعة رأسها، لان عزتها لا تستند على الخوف او التهديد او الظلم ، بل تستند على العدل والمساواة ومحبة الشعب الصادقة لها،  فهي أعطت لشعبها العدل والأمان واحترمت كرامة المواطن ورفعت من شأن العشائر، فحق لها أن تأخذ في المقابل المحبة والاحترام والتقدير والولاء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد