فسادهم أرحم من فتنتكم

mainThumb

28-03-2011 11:06 PM

 الأردنيون في كافة مواقعهم ومستوياتهم وانتماءاتهم متفقون جميعا على رفض أيّ شكل من أشكال الانحرافات السياسية والاقتصادية التي جرّت البلد إلى ما هو عليه اليوم بعد أن اختلفت أساليب الإصلاح وآلياته، وبعد أن تعالى سقف المطالب عند بعض الفئات الحزبية، وبعد أن طفت على السطح حركات بمسميات وأرقام أصبح من المتعذر حفظ عددها لا عديدها. وعلى الرغم من التحذيرات المتتالية في أن لغة الشوارع والأزقة لن تجدي نفعا في ظلّ تبني رأس الدولة إلى كثير من عدالة هذه المطالب، إلا أن المصابين بداء الرفض مازالوا على عهدنا بهم يرفضون كلّ يد تمتد نحوهم؛ لا لمجلس النواب، لا للحكومة، لا للجنة الحوار الوطني، لا للتهدئة. وبعد: ماذا تريدون؟!  



 نظام حكم على مقاسكم، حكومة على هواكم، قانون انتخاب نيابي مفصل يضمن لكم السطوة، أجهزة أمنية تدعمونها بفتاويكم تسوغ لكم البطش بمن يخالفكم الرأي، دستور يصاغ خارج البلد بعد أخذكم إرشادات وتعليمات من هناك وهناك، حكومة طائفية أو حزبية أو فئوية لن تكون أرحم على الشعب من الحكومات السابقة التي أوصلتنا إلى سوء عقبى الدار بفسادهم وخيانتهم وعهرهم. هناك مثل شعبي شائع تعرفونه جميعا يقول بأنّ من يكبّر حجره، فإنه لايريد أن يهاوش. ومثل آخر يقول: خفّف النذر توفيه.



 أما أن نبدأ بمطالب محاربة الفساد وووو إلخ، فهذه مطالب مقدسة فعلا ويدافع عنها، ولكن أن يروج إلى مطالب لاتستقيم مع المنطق ولا مع رغبة الأردنيين في كافة معاقلهم فهذا فيه نظر لو تعلمون كبير؛ فأفراد الأجهزة الأمنية مثلا الذين تنظرون إليهم كبلطجية كما تدعون، هؤلاء إن كنتم تريدون التعامل بالأرقام فهم بعشرات الآلاف، ومن خلفهم عشرات أخر، هم شرفاء هذا البلد، وفرسان الحق الذي عنه يدافعون، وإن وصفهم البعض في أنهم يعيثون في الأرض فسادا، نشاهد بأم أعيننا أن أفراد الأجهزة الأمنية وعلى رأسها نشامى المخابرات العامة والأمن العام هم الساهرون على أمن البلد من الزعران وقطاع الطرق ومفترشي الميادين العامة التي احتلوها مستغلين سماحة الأردنيين الشرفاء وطولة روحهم، وإن كان هناك انتقاد أوجهه إلى عطوفة مدير الأمن العام فهو أنه لم يوزّع على المعتصمين الترمس والبليلا حتى الآن. تريدون إلغاء الأجهزة الأمنية وحلها، ليحل مكانها الصيّع!! أم ليحلّ مكانها فصائل الصومال وطالبان والباسيج!!



 لقد عطلتم لغة الحوار، ونقلتم المسيرات الطاهرة التي تبغي الإصلاح إلى حاويات فتنة يتربع على عرشها متصيدو الفرص الذين توهموا في أضغاث أحلامهم أنها سانحة لمخططاتهم التي أحضروها مؤخرا من أسيادهم من خارج البلد، وهناك فئة أخرى تربعت على عرش هذه الحاويات ممثلة بصبية وغلمان مازال أثر البامبرز في السياسة على أجسامهم الغضة، ويتجاهل هؤلاء وهؤلاء أن شرارة الفتنة الداخلية إن أشعلوها فلن يستطيعوا السيطرة على لهيبها وستحرق في طريقها الخبيث والطيب، والصالح والطالح. أعداء البلد صنفان، وقد يظهر فيما بعد لهما ثالث وعاشر؛ 



الصنف الأول كلنا متفقون على رؤيتهم يرفرفون في سجن قفقفا أو غيره، وهم من نهبوا البلد واختلسوا ثرواته ومقدراته في حين أشبعونا خططا واستراتيجيات اقتصادية طويلة وقصيرة المدى، ولم يزدد المواطن إلا فقرا وجوعا. والصنف الآخر أشدّ بلوى وأبعد أمدا، وهم العابثون الراقصون على دفّ الفتنة، الذين يريدون استنساخ ماجرى في تونس ومصر، وما يجري في اليمن وليبيا، لينقلوا البلد إلى وضع تسوده الفوضى الخلاقة التي بشرت بها وزيرة خارجية أمريكا رايس منذ مايقارب خمس سنوات خلت. الفوضى هي الفوضى لاخلاق فيها ولا أخلاق؛ فعودوا إلى رشدكم. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد