بلْ فعله كبيرُهم هذا
تبدأ أسباب الانهيار، وعوامل التراجع في بنية الدول، وهياكل المجتمعات بتراكم الصغائر ، والتغاضي عن التوافه، والتغافل عن المُحقِّرات، حتى تألفها النفوس مع الأيام، ويتقبّلها الرأي العام بالمعايشة، وتصير التّجاوزات مقبولة، خاصة إذا صدرت مِمَّن يتقلّدون المسؤوليات، ويديرون حركة الحياة في كلّ دوائرها، ويسهل تسويغها أكثر وأكثر إذا صدرت مِن صُدور النّاس ووجهائهم كلما علَتْ مناصبهم، لتتحوّل مع الأيّام إلى حقوق وامتيازات في حقّهم، وجرائم وتجاوزات في حقّ مَنْ هو دونهم مِنْ عموم النّاس.
والملاحظُ في ربيعِ العرب الدّامي أنّ كلَ الزّعماء الّذين أُطيح برؤوسهم، والذين ينتظرون لم يعترفوا بمسؤوليّتهم تجاه ما وصلت إليه حالة الخراب في بلادهم، وأرجعوا ذلك إلى متآمرين وهميّين، ومندسّين خياليّين، وعملاء ينفذون أجندات خارجية، وتناسى أولئك أنهم هم مَن قنّنَ الفساد، وأفسد العباد، واستباح المال العام، ووسَّع خرق الثّوب حتّى بدتِ السّوأة، وحلب الحقوق، وبالغ في الحلب حتى شَخَبَ الدّم حين نضب الحليب، فثار الموجوعون ليقطعوا الأيدي القاسية، ويملؤوا بالتّراب الأشداقَ التي لا تشبع.
كان إبراهيم - عليه السلام - غاية في الرّوعة وهو يُبرزُ بجلاء مسؤولية الكبار عن الأحداث الجسيمة التي تعصف بحياة النّاس، وإنْ كان ذلك في سياق هزلي يصفع الوعي المخدر، والإرادة المسلوبة، لكن تبقى الإشارة بليغة، والدلالة فيها صارخة: {{قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ}}.
إنّ الدّلفَ في البناءِ المغشوش لا يكون مِن الأسفل إلى الأعلى، بل مِن الأعلى إلى الأسفل، وهذه سنة الله في الأشياء، وتؤكّدُه تجارب الحكماء، فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- تصله كنوز كسرى لا تنقص شيئا، فيحمد الله ويبتسم، فيقول له عليّ - كرّم الله وجهه- : يا أمير المؤمنين، (عففت فعفّوا، ولو رتعت لرتعوا).
الظّلم ظلمات، والفساد مهلكة، والسّرقة جريمة، والتّمييز في المعاملة رِدّة وانتكاسة في الإنسانية، وكلُّها سلوكاتٌ بشعة في حقّ مرتكبيها، لكنها أشدُّ بشاعةً، في حقّ المسؤول كلّما علت درجة مسؤولية، وتزداد البشاعة إنْ صدرت عن أصحاب الأنساب العريقة، والعائلات المرموقة إذا ما غفلوا وانغمسوا في الأوحال ومن هنا جاء التحذير: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً).
كم سمعنا عن حالات فساد واختلاس، حوكم أصحابها لأنّهم من صغار الموظفين، فهذا موظف مرتشٍ بخمسة دنانير، وهذا طبّاخ تمّ ترميجه في علبة سردين، وسائق اختلس علبة من زيت السيارات، ورابع وخامس...، وكلها نقائص تنمّ عن فساد في النفس، ورخص في الطباع، لكن ولا مرة سمعنا عن محاكمة حقيقيّة لمدير كبير، أو ضابط بارز ، أو وزير موهوب، وهذا هو مبدأ الفساد العريض: (( إنّما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ)).
نعم من هنا يأتي البلاء، ويبتدئ تَههل السّدّ، وينفرط عقد الحياة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
أيها السادة، نضحك على أنفسنا كثيرا، ونستغفل النّاس ونستخفُّ بعقولهم، أذا هوّنّا الوضع، وقلّلنا حجم المخاطر، وخدّرنا المشاعر، وراوغنا وأطلنا المماطلة، وتهرّبنا من الحقيقة، وها نحن في الدّنيا قبل الآخرة يلعن بعضنا بعضا، ويكفر بعضنا ببعض: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}.
الفساد والظلم والانحراف والغصب والقهر في بلاد العروبة مواليد غير شرعية ولدت وترعرعت في القصور الوثيرة، وفي مؤسسات الحكم، ومخادع الوزارات، ومن هناك يبدأ الحلُّ وينعدل المسار ، وإلاّ ففي القعر متّسع لكل الحمقى والمغفلين.
رابط أرقام الجلوس لطلبة التوجيهي
الأردن على موعد مع أجواء خماسينية حارة وحافة
حماس توافق على المقترح القطري والمصري بوقف إطلاق النار
بايدن بحث مع نتنياهو اجتياح رفح خلال مكالمة هاتفية
الأردنية تبرم مذكرات تفاهم مع نظيراتها الكردستانية
تقرير:مصر ترفع مستوى التأهب العسكري شمال سيناء
القسام:استهدفنا قيادة جيش الاحتلال بنتساريم بالصواريخ
اكتشاف حقل غاز ضخم جديد في دولة عربية
اللواء أحمد العوضي:مصر لديها رئيس لن يتهاون بحماية الأمن القومي
ارتفاع التخليص على السيارات الكهربائية وانخفاض البنزين
المركزي يطرح الإصدار رقم 1 لعام 2024 من أذونات الخزينة
الأزايدة يعرض جهود الأردن بوقف حرب غزة في السفارة الصينية
مطلوبون لدفع مستحقات مالية .. أسماء
المستفيدون من صندوق الاسكان العسكري لشهر 5 .. أسماء
قرار المحكمة بحق شخص زوّر أوراق نقل ملكية أرض
هل منع الأردن دخول سيارات الكهرباء ذات البطاريات الصلبة
استمرار جدل انخفاض أسعار المركبات الكهربائية .. توضيحات
تحديد أسعار الدجاج في المملكة .. تفاصيل
اكتشاف موقع أثري جديد في جرش .. تفاصيل
إرادة ملكية بحصول شخصيات على ميدالية اليوبيل الفضي
الصناعة والتجارة تحدد سقوفًا سعرية للدجاج ابتداءً من الجمعة
هام من التربية لأولياء الأمور .. تفاصيل
جنود إسرائيليون يرتدون فساتين نساء غزة .. صورة
حالة الطقس من الخميس إلى الأحد .. تفاصيل