حمّالة الحطب .. إعلام الفتنة

mainThumb

06-01-2012 01:23 PM

ماذا نصنع إذا ماتت ضمائرُ البعضِ، ونَضَبت ينابيعُ الخير فيها، حتّى قارفَت هذا الكَمَّ مِن الإسفافِ تجاهَ الإخوان، الذين كانوا على الدّوام محلَّ احترامٍ وتقديرٍ عند الناسِ وعند النظام على السّواء، 

لقد كان انخرطُ الإخوان في العمل العام، ودروب الخير والإحسان كان سابقا على قانون الأحزاب والجمعيات، فأحبهم الناس، وقدّموهم بعد ذلك في كلّ الجولات: في النيابة والنقابات والاتحادات والجمعيات والبلديات، حتى تدخّلت أيدي الفساد فحاصرتهم تزويرا في الصناديق الخشبية، وهاهي اليوم جاهدة في محاصرتهم بالزور والبهتان في صدور الناس وقلوبهم.

قلت في مقالتي السابقة للأبواق الصدئة: لا تُتعِبوا أنفسكم، فقد أخبَرنا الله عن أنبائكم، وواسانا بقوله:{ لن يضروكم إلا أذى}، وضَرَبتُ لكم مثلَ كلبِ الصّيد وهو يطلب الغزال، (فقال له: لن تلحقني، لأنني أركض لنفسي وتركض لسيدك).

سار قبلكم عبدُالعزّى خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو قومه إلى خيرهم، ويصلح فساد أحوالهم في الفعل والاعتقاد، فقام الهالك يعطل المشروع ويصرفُ الناس عنه، ويتّهم صاحبه بالمسّ والجنون، ويشتمه ويؤلُّب عليه، ويغري به، فحكم الله ُبهلاكه وبوار فعله، وحبوط عمله، ولم يغنِ عنه شرف نسبه، ولا إشراق وجهه.

لم يكن أبو لهب وحيدا في المعركة، بل شاركته أم جميل زوجُه.. مشت بالنميمة، واحتطبت معه الكذب لإعاقة المسيرة، ولما علمت خبر نزول القرآن فيها وفي زوجها، جاءت ومعها حجر والنبي -صلى الله عليه وسلم -مع أبي بكر، فلم تره فقالت لأبي بكر : أين صاحبك؟ لقد بلغني أنه هجاني، فقال : والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله، فرجعت وهي تقول: قد كنت جئت بهذا الحجر لأرضخ رأسه، فقال أبو بكر : ما رأتك يا رسول الله؟ قال : لا، لم يزل ملك بيني وبينها يسترني { وَإِذَا قَرَأْتَ القرءان جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالأخرة حِجَابًا مَّسْتُورًا }. 
كم عبد عزى في وطني!! وكم أم جميل!!

ما أكثرهم هذه الأيام!!  تغص ّبهم الصحف، وتضيق بهم الطرقات.. يسارعون في هلاكهم، ويستنزلون غضب الله عليهم، وهو واقع بهم لا محالة: (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له)  .


فإن كان هذا شأن مَن يكذب ليُضحك الناس،  فما بالكم بمَن يفتري كذبا، ويبطل حقّا، وينصر باطلا ويحرّض ليثير فتنة ويريق دما حراما، ويقهر بريئا؟

يقول النبيّ سلام ربي عليه: (مَن أعان ظالما ليدحض بباطله حقا،  فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله)  . 

فلا عليكم أيها الإخوان.. امضوا في سبيلكم، وتمموا مشواركم، وثقوا بربكم، وتأسّوا بنبيكم، واعلموا أنّ الملائكة تدفع عنكم، وأن الله مولاكم، وما هي إلا لحظات حتى يدبَّ الدَّاءُ في أنصار أبي لهب كما دبّ فيه، ويُوضعُ الحبلُ حولَ أعناق مُناصريه. ويُقال لهم: ( إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ).
وكلمة أخيرة لأقلام الأجرة،  وحناجر المزاد :  

لا أحدَ يشعرُ بحجم الخساسة والوضاعة عند ارتكاب النقائص والكبائر الأخلاقية والمسلكية،  أكثر مِن مرتكبها نفسه، وإن غلّف مشاعره بالنّشوة، وطلاها بالفخر والمباهاة، فهو في قرارة نفسه يحس بالرخص والدناءة والوضاعة، وهي حالة يدركها علماء النفس، ويثبتها الواقع، فقد سُئلت فتاةٌ مومسٌ على إحدى الفضائيات قبل سنوات عن شعورها تجاه نفسها وهي تمارس هذه الرذيلة، فقالت: أشعر بالقذارة،  فأنا مهما اغتسلت وتعطرت، أشعر أنني قذرة.

لا شك أنّه شعور كلّ الطَّبالة والزمّارة، وحملة المباخر حول صنم الفساد والشهوة، وشعور كل مراكب الأجرة، وأقلام التدخل السريع.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد