الهيكلة تهيئ لانفجار البراكين

mainThumb

11-01-2012 05:43 PM

قرابة العام مِن الانتظار،  والمتعايس المثقلون بفاتورة فساد الفاسدين ينتظرون ما تتمخض عنه الوعود، وما يتولد عنه مخاض الهيكلة مِن بشائرَ، تُبقي على الرّمق، وتُديم للقطاع العريض من الشعب المتعوس بأصحاب اللغاليغ والكروش  شيئا يمكن أن يسمُّوه (حياة) على سبيل المجاز لا الحقيقة.

قرابة العام والموظفون المقهورون بضغوط الحياة، والمكبوسون بمكابس التكيُّف مع أوعية الاحتياج اليومي - يعزفزن على
  الآلة الحاسبة،  للوقوف على حجم التّحسن الذي سيطرأ على رواتبهم، ويبنون الأحلام، ويحددون الأولويات التي سيقومون بمعالجتها في ضوء الوعود المقطوعة. 

مضت شهور الحمل بطيئة ثقيلة، حتى أطل علينا المعنيُّون يبشروننا بالمولود العزيز، وألقوه بوجوه الناس  خداجا تُنهكه التشوهات الخَلقية، وترتسم عليه العاهات الخُلقية، وتتجسد فيه المصيبة التي تلقى على الكواهل والأعناق.
بحق لقد شكل مشروع الهيكلة بصورته الحالية صدمة وإهانة لقطاع الموظفين الذي يوصف دوما بأنه الحلقة الأضعف في هيكل الدولة، ويتم التعامل معه باستخفاف يصل إلى حد الاستهبال، ولم يعد بمقدوره أن يصبر على الإهانة بهذا الشكل.
كالعادة كان المعلمون الأسرع في التعبير عن حالة الرفض لهذه الحالة، خاصة أنهم أوصلوا مطالبهم، وعرضوا حقوقهم على المعنيين، قبل وأثناء عملية التحضير للهيكلة، ووعدهم المعنيُّون خيرا، وأن عملية الهيكلة لن تنال من مكتسباتهم التي تقررت لهم على مدار السنوات الماضية، وأن الهيكلة ستعاظم من مكاسبهم، ليكتشفوا أن ما تمّ إنما كان عملية مراوغة والتفاف على الحقوق، وسرقة بغيضة للمكتسبات.

انفجر بركان المعلمين سريعا، وتعطلت عملية التصحيح لأوراق الثانوية العامة، واحتشد المعلمون في إربد وفي الكثير من محافظات المملكة أمام مديريات التربية، وبلغ التوتر ذروته عندما علم المعلمون أن هناك بعض الإذاعات المثيرة للفتنة، وتضم في كادرها كائنات رخويّة رخيصة تكيل الإهانات للمعلمين، وتُحرض عليهم الرأي العام، فقروا المضي في الاعتصام والاضراب عن الدوام، وهددوا بتعطيل عملية المراقبة على اختبار الثانوية، وكانوا استثنوها من فعالياتهم الاحتجاجية المعلن عنها، وأفصح الكثيرون منهم عن رغبتهم في تصعيدٍ كبير في الأيام القادمة، قد يصل إلى حد الاعتصام الدائم أمام المديريات، والمشاركة بقوة وفعاليّة في الحراكات الإصلاحية المنطلقة كلّ جمعة.

مستوى الاحتقان يزداد، واستفزاز مشاعر الناس بالمراوغة والكذب ستكون نتائجه عكسية، ومتنامية من حيث النوع والشكل وحجم القطاعات المشاركة، والاحتمال قائم أن ينخرط باقي موظفي الدولة ومؤسساتها في هذا الاتجاه أو ما يشابهه، وهذا يؤسس لمرحلة بالغة الخطورة في ظل واقع الدولة وظروفها التي نعلمها جميعا، وهذا ما ينبغي أن يضع حدا لحالة الاستهتار بما يجري في حق الموظفين مِن قبل المعنيين في إدارة الدولة.

لم تعد سياسات التبريد مُجدية، ولم يعد الناس قادرين على الاحتمال أكثر، ولن يُغني العزف على نغم الواجب والمواطنة والمصلحة العامة عن أصحاب القرار شيئا، فالوعي بالحقوق لم يكن عند أحد من الإردنيين كما هو  بمستواه اليوم، ولم يعد بالإمكان المراهنة على خداعه من جديد، أو إرضائه بالقليل، فتفاصيل الفساد الذي يدفعون فاتورته باتت بين أيديهم بالصوت والصورة، ولن يقبلوا بأقل من فرض حقوقهم، واستخلاصها بالإرادة الصلبة، وبممارسة حقهم في التعبير عن اشمئزازهم وسخطهم ممن يتحايلون عليهم، ويصرون على هذا التحايل مهما كلفهم الثمن.
الاحتقان بلغ ذروته، والقنابل الموقوة تزداد حولها درجات الحرارة، والبراكين الخاملة، بدأت تتملل ويدبّ فيه النشاط، فهل بالإمكان تجنب الانفجار، وتوفير الحريق؟؟ 

سؤال يجب أن يجيب عنه مَن أوصلونا إلى هذه المتاهة، بمواجهة الحقيقة، وجدية التوجه للإصلاح الشامل في كل الجبهات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد