مندوب الشبيحة: إذا خاصم فَجَرَ

mainThumb

04-03-2012 01:54 PM

لا يُوجد في زمرة القتل في سوريا رجالُ دولة، ولا دبلوماسيون، ولا رسميون، فكل الذين يُطلُّون عليك، تقرأُ في قسمات وجوههم خِسّة الدّهر، وعفونة الخرافة، فهم ليسوا إلا زمرة مِن القراصنة، والمحتالين،  والدجالين، والشبيحة.

نسي القوم الله وكفروا به، فمات فيهم الإنسان، وأُعدم الخير.. تذكروا الشيطان فعبدوه، فأحيا فيهم الوحش والفحش، وأنبت الشر ، وتتبع القوم كل قوادح الإنسانية وخزايا البشرية فتلقّفوها وتلذذوا بمقارفتها وارتكابها.

منذ قرابة العام، يَلِغون في دماء الأبرياء في جولة الدم الثانية التي يقودها زبانية السفاح الابن،  ومنهج الزنادقة الجدد: اكذب ثم اكذب، ثم اكذب، ولا تعترف بالصور ولا بالتقارير، ولا بالمتسرّب عبر المراسلين العرب والأجانب، ولا بما تعكسه الأقمار الصناعية، ولا بما ترشح به التكنلوجيا الدولية، ولا بشهادة مَن نجا مِن شهود الأهوال، فكلُّ ما صدر عن هؤلاء مؤامرة كونية على نظام الممانعة العربي الوحيد؟؟!!!!

لا أجد ما أصف به القوم غيرَ حِكمة الزمان على لسان جميع الرسل وكل الأديان: " إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت".
تقف القذارة على منصّة مجلس الأمن لتكيل الشتائم، وترسل سيل الِّسباب في وجه كل الذين أغمضوا عيونهم طيلة أحد عشر شهرا، وأعطوا والوحش المهلة تلو المهلة كي يحسم الموقف، ويُغَيِّبَ صوت الضحية، لكن صوتها كان أحدُّ من السكين، وأبعدُ مِن مَدى المدفع، وأوضح من سكون الموت، فخيّب رهانات الجميع، وفضح المؤامرة على صحوة الأمة السورية، واظهر رغبة دولية جامعة ببقاء نظام الفسق وديمومته، كحلا لعيون صهيون.

لم يعد بوسع الضمير الإنساني أن يصبر أكثر، وبات المراهنون في حرج كبير، في ضوء اتساع الفجوة بن الشاعرات الإنسانية البراقة، وسوء المعالجة وتعدد المكايل، وعجز التبريرات.

لست أدافع عن الموقف العربي، فلا أخس ولا أسوأ، ولست أُحامي عن النظام في السعودية، ولا أبرر مواقفه، فهو كنظام عربي يعاني ما تعانيه كل النظم العربية، مِن آفات الحكم، وعُيوب السياسة، وشُبهة العلاقة، وحجم التواطئ، ومقدار التهاون في مصائر الأمة وقضاياها ومقدراتها،  لكننا اليوم أمام موقف سياسي وإعلامي مُقدّر  -وإن كان تأخر كثيرا- ونأمل أن تتم ترجمته وبلا تأخير إلى خطوات عملية سريعة لاجتثاث سرطان الأمة القابع في سوريا، الذي لا يستهدف الشعب السوري وحده، وإنما يستهدف المحور السّنِّي برمّته، والذي تشكل السعودية بُعده الرمزي، والتأخر أكثر في هذه الخطوة سيدخل المنطقة كلها في أزمة تتنامى مخاطرها، وستكون ساحتها الطبيعية السعودية نفسها، كرمز وكموقع وكثروة، وعليها أن تتدارك، وتلُمّ الشتات وتُوحد الجبهة، وتَجْبُر سنوات التقصير، لتبني مصدّات الحماية لكسر موجات الصفوية والقرامطة الجدد، قبل فوات الأوان.

مشكلة الرافضة أنهم مكشوفون، تعرفهم بلحن القول، وطرفة العين، تتجسد فيهم كلُّ المعاني التي حذّر منها القرآن، ونبيّ الإسلام والملة السَّنية، فقد بصّر الله نبيه، فقال له: (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ).

وحذّر النبي صلى الله عليه وسلم  أتباعه منهم، فقال: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها :  إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ". ‌

أقول يجب على الأمة أن لا تتأخر، وعلى الشعوب أن لا تنتظر حكامها، بل عليها أن تتحرك لتجبرهم على خوض المعركة التي صمد لها الشعب السوري بصدره العاري قرابة عام، وقدّم ملحمة عزّ نظيرها في التاريخ، وعلى النظام في السعودية أن يدفع بكل إمكاناته إلى الميدان، وقد صنعها يوما في حرب الأفغان في ثمانينات العصر، وليعلم أن أيدينا ستكون مع يديه في كنس الحثالة البعثية الصفوية في سوريا، ولملمتها من باحات الوطن السوري، ووضعها في برميل القمامة، وسيجد أيدينا مع يده في حملها وإلقائها في مقلب الزبالة إلى غير رجعة، لتعود لسوريا طهارتها، وتلبس ثوب عفّتها، وتتنفس شمس حريتها، وينبعث من ثراها خالدها وصلاحها.

النظام الشيطاني انتهى، والمراهن على بقائه خسران، وأُأَكد أنّ الأمة السورية الأبية في حالِ خُذِلت - لا قدّر الله - فستسقطه وحدها، وسيلزم العار كل المتخاذلين وسيسقطون تباعا لأنهم إن فعلوا ذلك يكونون قد فقدوا شرعيتهم التي لم تكن شرعية يوما، ولن تكون إلا بالانحياز لخيارات شعوب الأمة ونبضها.

النظام انتهى لكنْ من فضائله أنه اليوم قد كشف كل عملائه داخليا وخارجيا، والمنتظر من النظم العربية أن تضع على قائمة المحاسبة النظامين الروسي والصيني، أما أحرار الأمة، فقد أدرجوا في قوائم تجار الدم، ومرتزقة الشرف، ونحن في الأردن، قد أتممنا المهمة ووثقنا الشواهد على الحجاج من عمان إلى القرداحة، وحصرنا كلاب الوقاحة، ولبسنا حذاء مناسبا لندوس به فوق حشرات المبادئ، ونحن نتلوا على جيتفها وعلى تاريخها وأنموذجها الذي ارتبطت به آيات الفرح بالخلاص: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد