الكلمات قوالب للمعاني ولا يمكن تبين المعنى الحقيقي الا في سياق النص وفي التطبيق العملي فكثيرة هي الكلمات التي تحمل مدلولات ايجابية وجميلة ولكن وفي التطبيق يتبين انها استخدمت لما هو عكس المعنى الاولي فقد استخدمت الدول الامبريالية كلمة الاستعمار بحجة اعمار الدول الاقل تطورا ونقل الحضارة والتطور لها، ولكن النتيجة يعرفها الكل. وفي سبعينيات القرن الماضي واثر هزيمة اسرائيل العسكرية سادت كلمة السلام بل وسلام الشجعان فاذا بسلام الشجعان هذا يتمخض عن معاهدات استسلام مذلة.
وفي هذه المرحلة تمطرنا الدول الامبريالية اياها بشعارات الديمقراطية وحقوق الانسان وتحت هذه المسميات نشرت المئات من المنظمات التي مولتها بكرم واتخذتها وسيلة اما للتدخل في شؤون الدول وخلق الثورات الملونة .
وتحت هذه الذريعة وبحجة حماية الشعب الليبي من بطش القذافي تدخل الناتو عسكريا في ليبيا . وبجردة حساب اولية بعد انقضاء ثلاثة اشهر على القضاء على حكم القذافي بقتله بامر من القيادات السياسية للناتو وسيطرت قوات المجلس الانتقالي على البلاد، يتبين ان عدد القتلى من المدنيين الليبيين جراء قصف الناتو قد يفوق ما قتل منهم على يد قوات القذافي ولطمس هذه الحقيقة لم يعطي المسمى بالمجتمع الدولي اذانا صاغية لمطالبات روسيا والصين اجراء تحقيق بهذا الشأن.
فاذا كان ذلك تم في ظروف الحرب فهل توقف القتل وتحقق الامن والامان للشعب في ليبيا ؟ الواقع يقول بان القتل لم يتوقف فما زال المسلحون يمارسون القتل ضد أطراف عدة ابرزها القتل بناءً على لون البشرة والمستهدف هنا البشرة السوداء التي يعتبر صاحبها متهما بانه مرتزق للقذافي والقتل من نصيب كل من حانت حوله شبهة القتال مع القذافي وهي هنا لا تستهدف افرادا بل جماعات كالامازيغ والطوارق .
اما على المستوى الامني فلم يتحقق منه شيء وبالرغم من السكوت المريب والمدان لوسائل الاعلام الدولية والعربية فان الامر لم يعد يمكن السكوت عليه مما دفع منظمات حقوق الانسان الدولية من رفع الصوت عاليا بضرورة وقف جرائم المسلحين الذين ما زالوا يرفضون تسليم اسلحتهم والانخراط في مؤسسات الدولة هذه الجماعات التي تملك سجونا سرية تمارس فيها ابشع اشكال التصفية والتعذيب والاشخاص المفقودين وانتشار الجريمة في ظل هذه الفوضى كالسرقة والاغتصاب والسلب وبكل بساطة يستولى المسلح على السيارة التي تعجبه ويبرؤ ذمته باعطاء صاحبها وصلا يثبت بان له سيارة في عهدة الثورة ستعاد له في المشمش .
اما الاوضاع المعيشية فما زالت على حالها ابان المعارك وكل من فقد بيته ما زال مشردا دون ان يجد ولو خيمة تاويه بينما يبادر الناتو واعوانه من العرب بتحضير مخيمات سلفا لللاجئين السوريين و ترصد الاموال بكرم لهذا الامر فعندنا المخيم جاهز من الخيم بكامل معداته والاموال مرصودة والموظفين على اهبة الاستعداد ولا ينقص سوى اللاجئين انفسهم .
اما ما تفجر رغما عن كل محاولات التعتيم من احتجاجات امام المجلس الانتقالي واجبار رئيسه عبدالجليل للهروب من الابواب الخلفية وكذلك استيلاء انصار القذافي على مدينة بني الوليد ولعدة ايام لا يعدو كونه قمة جبل الجليد فالعمليات والتخريب يحدث على نطاق واسع وكما عمد المحتلون لتهديم بنيان الدولة العراقية دون عمل شيء لاعادة بنائها كما ادعوا على اسس حديثة ومتطورة بل كان من المفترض ان تكون مثالا تسعى لاحتذائه كافة الشعوب العربية عن طيب خاطر فاذا بها مثالا على الكوارث التي تنتج عن اي احتلال اجنبي وليبيا على نفس الطريق فلا يبدو في الافق ان شيئا سيعود حتى لسابق عهده مع عيوبه . باستثناء منابع النفط والغاز فقط . فليبيا الان تسوده الفوضى والصراعات والانقسامات فنحن ازاء انقسام البلد الى 3 دول , دولة بنغازي في الشرق ودولة طرابلس في الغرب ودولة فزان في الجنوب .