الى امي في عيدها

الى امي في عيدها

21-03-2012 01:37 PM

 عندما عبر شاعرنا محمود درويش عن حنينه لخبز امه فإنما عبر عن حنين كل ابنٍ ذرّته رياح الغربة بعيداً عن الوطن الام أو الام الوطن سيان. وإنني أشفق على أبنائي الذين تربوا على خبز منزوع الخير (القشرة) لذلك فهم لم يجربوا روعة تلك السعادة التي تغمرك وانت تشتم رائحة خبز الام الطالع للتو من التنور والمنتج من لحظة البذار ليعجن من عرق الاسرة. لدرجة اصبح معها عنواناً للعيش وانحفر في المفهوم الشعبي أن من لا يضحك لذلك الرغيف السخن فهو إنسان نكد من المحال إسعاده.

 

أمي... أرجو أن تسامحيني وأن تغفري لي كعادتك عقوقي لاني احتجت للحادي والعشرين من آذار كي أتصل بك مهنئاً. فرغيف الخبز بقدر ما هو مستدير يصبح كل سنة أسرع في تدحرجه وكأنه يماشي التطور وأنا وراءه مضطر لأن أركض وأزيد سرعتي على أمل أن أستدركه، فهذه الحياة وبالقدر الذي تزداد فيها تطوراً تزداد تعقيداً وأنا في سعيي لتلبية متطلباتها المتكاثرة والمتعددة تنسيني الكثير من الاشياء التي أحبها كما تغفلني عن كثير ممن أحبهم وأتوق للقياهم. ولكن كل ذلك لا يغفر لي حاجتي لعيد للأم كي أرفع سماعة الهاتف لأسمع صوتك ولو من بعيد. فأنا ووسط كل ذلك بل إنّ كل ما أعانيه يشعرني دوماً وأنا كهل تجاوزت الستين محتاج اكثر لأن أسمع ذلك الصوت الذي يشعرني دائماً بالأمن وبالأمل وبروعة الحياة. فأنا رغم كهولتي وعندما أسمع صوتك تمحي العقود الستة وأعود ذلك الطفل في السادسة من عمري يسرع لأن يغمر رأسه في حضنك كلما ألمت به منحة أو خاف من عقاب ... آه كم أحتاج لهذا الصوت ولتلك الأنامل التي اعتادت أن تعبث بشعري الذي أطاحت به صروف الزمان مما كان يشعرني بالراحة طاردة كل معاناة لأستسلم لنوم سريع عميق في ذلك الحضن الدافىء.
 
شكراً لهيئة الأمم التي خصصت يوماً في العام لتضيء لنا الضوء الأحمر ليقول لكل من هم على شاكلتي: انتبه، قف، تدبر، أترك ما يشغلك وقم بواجب الوفاء لهذا المخلوق الذي كنت جزءاً منه وأنت مدين له بما منحك إياه من مقومات الحياة والأهم والأغلى ما منحتك من نفسها مع كل قطرة حليب من حنانها وحبها. واصرخ بل ضع يدك على فم كل من يحاول أن يحرم عليك الاحتفال بيوم الأم مهما كانت ذرائعهم فإذا كانت الاديان والأنبياء قد قدسوا الأم ورفعوا من شأنها، فأين التناقض بين هذا التقديس وتخصيص يوم للأم وهل يمنع ذلك من تقديم فروض الاحترام والطاعة للأم في كل الأيام وعلى مدار الساعة متى أمكن ذلك؟ علينا أن نستخدم أعظم نعم الله علينا الذي يساعدنا على التمييز بين الخير والشر وبين ما هو نافع وما هو ضار. فهو يوم للأم بصفتها المجردة ولكل الأمهات على وجه البسيطة بصرف النظر عن لونها أو دينها أو أصلها ونحن جزء من هذه الأسرة الإنسانية.
سأحتفل ما أمكنني ذلك بهذا اليوم وسوف أثابر على تعظيمك وتبجيلك أيتها الأم كل يوم وبشكل مميز في هذا اليوم.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد