اصدار شهادة وفاة لجامعة الدول العربية

mainThumb

26-03-2012 06:36 PM

قبل أن ادخل في مقالي شعرت إن مقدمته لن تكون أجمل مما قاله محمد الماغوط ذات يوم "في نهاية كل قصيدة حاجز تفتيش، في نهاية كل رواية مجلس طوارئ، وفي نهاية كل مسرحية مؤتمر قمة ".وهذا المقال بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد

لماذا يعقد العرب الكثير من مؤتمرات قمتهم ؟ ألا تعتقدوا إن هذه القمم على زخمها فقدت أهميتها لعدم قدرتها على تحقيق أدنى مطالب امة العرب ؟! _ فأصبحت كالرجل المريض أو الزوج العقيم _ هذا إذا كان لهذه الأمة مطالب أصلا .

اننا كعرب كباراً وصغاراً ، ذكوراً وإناثاً ، مغربيين ومشرقيين ،آسيويون وأفارقة لدينا إستراتيجية واضحة، معروفة الأهداف ومعلن عنها مسبقاً، وهي الوصول إلى صيغة واحدة من الصيغ الوحدوية المتداولة عالمياً كالإتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة . وبما أن هذه الإستراتيجية واضحة فأين يكمن الخلل إذن؟؟؟

من المؤكد انه عندما لا تتحقق الإستراتيجية لا بد من مراجعة أدوات تحقيقها المتمثلة في التخطيط الاستراتيجي ووسائله والقائمين عليه والتي من الممكن أن أطلق عليها الإرادة السياسية للقيادات العربية لتحقيق هذه الإستراتيجية .

لقد بات لدينا نحن الشعوب العربية عدم المقدرة على فهم واستيعاب المفاهيم السياسية القومية على الرغم من بساطتها ،والتي يستخدمها ويتحدث بها الجميع ويرفعونها على رؤوس ألسنتهم من شاكلة العمل العربي المشترك والتكامل الاقتصادي العربي والوحدة العربية المرتقبة .

عجزنا نحن العرب عن إدراك هذه المفاهيم لان معناها في مؤتمرات القمة وعبر أجهزة الصوت يختلف تماما عن معناها لدينا واستخدامها لديهم تختلف عن استخدامها في مضافاتنا وفي أحاديثنا لأطفالنا، حتى بتنا نلحظ أن كل قائد عربي يلقي خطاباً علينا؛ يجعل هذه المفاهيم مفاتيحاً لحديثه لاكتساب المزيد من الشرعية، ونتيجة للتفاوت في إدراك معنى هذه المفاهيم
القومية فلم يخسرنا هذا القائد فقط وإنما أضاع ما كان لديه من شرعية.

إن أعمال مؤتمرات القمة العربية واجتماعاتها التي تعقد في رحم الجامعة العربية لا لون لها ولا طعم ولا معنى لأنها كحاضنة متوفاة، وأي طفل سينتج من هذا الرحم أن لم يكن ميتاً فسوف يكون مصاباً بإعاقة دائمة أو تشويه خلقي لا يعالج حتى بتنا نتمنى لو أن هذا المولود لم ير النور على الإطلاق.

أنا أعلن وارى أن الجامعة العربية بكل ما أنجبت من مؤتمرات وما صدر عنها من قرارات قد ماتت بعد ولادة ربيعنا العربي ولا بد أن يخرج من رحم هذه الثورات العربية صيغة وحدوية تصنعها الشعوب دون أي تدخل أو تلقيح من قائد عربي . صيغة تصنعها شعوبنا تسعى لتحقيق الولايات العربية المتحدة(هذه الجملة ليست من بنات أفكاري ولكنها تعود للحسين بن طلال طيب الله ثراه استخدمها في إحدى خطبه).

إذا قُبلت (بضم القاف) صيغة هذه الجامعة في أربعينات القرن الماضي فأنا أعلن مرة أخرى أنها لم تعد مقبولة شعبياً على اقل تقدير فما صلح للماضي لا يصلح للحاضر أم ما زال البعض يعتقد أنها صالحة لكل زمان ومكان كما لو كانت ديانة سماوية.

قد يرى البعض أن إنهاء الجامعة الآن سوف يرتب دخول إسرائيل إلى أي تنظيم سوف يقوم في منطقة الشرق الأوسط ، ومع ذلك لا بد أن ننهي هذا الجسم المريض والغريب الذي مثل وحدتنا أبشع تمثيل، ثم نبحث عن صياغة تكتلاً عربي المولد والأهداف يمثل فيه الإفراد قبل أن تمثل فيه الدول ويتبنى أهدافنا.

هل من الممكن أن يولد من رحم ربيعنا العربي تكتلاً عربياً جديداً تكون أولى قراراته إصدار شهادة وفاة لهذا المولود غير الشرعي الذي يسمى جامعة الدول العربية ؟؟ ، تكتلاً تتكامل فيه الموارد والطاقات البشرية مع القدرات والموارد المالية.

عاش الأردن دائماً حمى عربياً هاشمياً



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد