التسويق السياسي

mainThumb

05-04-2012 12:25 PM

اذا كان التسويق في أحد معانيه يعني إنتاج ما يمكن بيعه، وليس بيع ما يمكن إنتاجه، بمعنى تحديد حاجات ورغبات المستهلكين ثم تطويرها لتلبية حاجات الأفراد وعمل الإعلانات اللازمة لها ، لتوضيح خصائص وسعر المنتج . فماذا يمكن ان نقول عن التسويق السياسي ، وهل التسويق السياسي يكون للأفراد ام للدول ام لقيادات هذه الدول ام للأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ، ام هو كل هذا ؟ هذا ما سنعرفه معكم في نهاية المقال .

يعتبر المواطن هو المستهدف الأول من عمليات التسويق السياسي داخلياً والدول العظمى والكبرى هي المستهدف الثاني خارجياً ( بمعنى ان النظام السياسي يسعى وبكل طاقاته ان يحجز لنفسه مكانا بين الدول الصديقة لهذه الدول العملاقة حتى يتمكن من تسويق نفسه خارجيا ).

وما يعنيني من هذا الأمر هنا التسويق السياسي في إطاره الداخلي ، وسبب اهتمامي بهذا الامر هو ان أغلب المنتجات التي هي الأنظمة السياسية والتي كانت موجودة إما فقدت صلاحيتها او على وشك ان تفقدها وهو الامر الذي يعني اننا قاب قوسين او ادنى من ظهور منتجات جديدة لا بد لها من قبول لدى شريحة المستهلكين الذين هم المواطنون .

ان كل الدول التي نجحت فيها الثورات واعلنت عن انتهاء صلاحية انظمتها السياسية باتت تحتاج الى انظمة سياسية جديدة ، ما زالت للآن لم تتضح صورتها النهائية بعد ولكنها أعلنت عن إنتاج هذه الأنظمة وولادتها وقامت بعمل العرض الأول لها أمام الرأي العام المحلي والعالمي حتى يتأكد الجميع من حقيقة إنتاج هذا النظام الجديد ، فقامت بالدعاية اللازمة لها وأعلنت عن خصائصها ، وعن الخدمات التي ستقدمها للمواطن والتي تأمل هي ان تلقى قبولاً لديه ، وان لا يستثمر لدى غيرها ولا يلجأ الى منتج آخر ، بمعنى انها ارادت ان تحصل على حصرية ولاء هذا المواطن واعدة إياه انها ستقدم شيئا جديداً مختلفاً عن الإدارة السابقة والتي كانت فاسدة.

ولكن ماذا عن الدول التي ليس فيها ثورات وإنما فيها حراكات سياسية تبحث عن تحسين مضمون وشكل المنتج وضرورة رفع المواد الفاسدة منه وإتلافها والتي تدخل في صناعته .

وهنا لا اعتقد ان إدارة الدولة لم تنتبه إلى هذا الأمر ، بل على العكس ادركته ووعته ولكنها احتاجت الى الوقت الكافي لإخراج المنتج بأحسن صورة وأفضل درجات الجودة في عملية التغليف ليلقى قبولاً لدى مواطنها . ولكن كثرة المتذوقين وإختلاف رغباتهم وتعدد آرائهم ومشاربهم الفكرية سينعكس سلباً على جودة المنتج . لذلك نناشد صاحب الولاية العامة ضرورة تحسين خط الإنتاج الأول والمتمثل بالدستور، بمعنى العمل على ضبط وتوازن كافة المواد اللازمة للإنتاج، وبالتالي تسويق كافة الإصلاحات الجديدة ومتابعة ردود الأفعال حول هذا المنتج . وارجو من القائم على عملية التسويق ان لا يعتقد ان ردود الافعال تاتي فقط من المتحدثين القادرين على رفع اصواتهم ، ولكن هناك شريحة المحكومين المستهلكين الصامتين الذين ليس لديهم ولاءاً إلا لهذا الوطن ولا هواءاً الا ما يجود عليهم به هذا الوطن ولا ماءاً يشرب الا من نبع هذا الوطن . هؤلاء هم الأغلبية التي يجب ان تقدم لأجلهم أفضل المنتجات لأن الدولة تُبنى بجهودهم ولا حلم لهم الا العيش بإستقرارٍ وامان .

هذه الاغلبية ــ طبقة الفلاحين والبدو ــ هي رأس المال وهي ملح الارض التي يجب ان نموت لتحيا ومعها الوطن وقيادته .

فإصلاحاتنا وإنتاجنا لا معنى له ان لم ترضى هذه الفئة عنه، لذلك ومن باب التسويق السياسي ارجو عرض كل الإصلاحات التي أُنتجت والتي ستُنتج لاحقاً من قوانين خاصة بالأحزاب والإنتخاب عليها .

هذه الفئة من المواطنين ان تحدثت وجب على الجميع الصمت والخضوع لإرادتها ولقرارها ، فهي من يمنح صاحب الولاية العامة الشرعية ثانياً وهي اولاً من يحمي النظام .

وعلى ذلك يكون التسويق السياسي تقديم أفضل الخدمات للمواطنين بعد استطلاع آرائهم حولها وصياغة القوانين بطريقة تضمن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص .

فهذه الفئة يا صاحب الولاية لا تشارك ولا تنافس لصناعة القرار ولكنها الوقود اللازم لتنفيذه دائماً.لذلك لا بد ان تكون هي هدف التسويق السياسي وهي مبتغاه .

عاش الاردن دائماً حمى عربياً هاشمياً



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد