حتى كبارُ الأغنياء يتصدقون ! فبالله لا ..

mainThumb

25-05-2012 04:21 PM

 وكذلك يفعلون.

أولئك الرحماء جدا، هبّوا لنجدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، والمسح على رأس اليتيم (الدولة) التي قاموا على رعايتها الرعاية الحكيمة عُنوةً، وورثوها الوراثة القانونية "خاوة"، وفي أيدهم الوكالة العامة للتصرف في أملاكها، فغامروا بها، بل سرقوها وتوازعوها مع الشركاء الاستراتيجيين الموثوقين.
 
ما زالت دماء الوطن على ثيابهم، وما زالت السكاكين في أيدهم، وهاهم يُضجعونه على عتبة فسادهم.. يَبكون " بَقَرتهم الحلوبَ" ..يقِّطرون في فمه (الوطن) لحظة الاحتظار بعض نقاط الماء، فلعله ينتعش ليعيش مدة أطول ليواصلوا به طريق الابتزاز والتسوُّل على غرار الغجريات يحملن أطفالهن على الإشارات الضوئية.
 
شكرا لكم أيها الأسخياء، ووالله لم يخطر ببالي شبيها لكم فيما تصنعون إلا تلك التي باعت شرفها في سوق الرّذلة، لكنها ظلت حنونة رحيمة، فلم تنس أنْ تجعل مِن ربحها الوفير، وريعها الكثير - نصيبا للأيتام والمساكين، حتى قال الشاعر في أمثالها صُنعا، وهو يكاد يموت كمدا:
 
أَمُطْعِمةَ الأيتامِ مِن كدِّ فَرجها *** بِربِّكِ لا تَزْنِي وَلا تَتَصدَّقِي
 
فبالله عليكم لا تتعجبوا.. إن هذا ما فعله فريق الكُبراء المتتالي منذ سنوات نَحسات، وأقول فريق وليس فِرق؛ لأنهم وأن تعددت جولاتهم وطواقمهم وتشكيلاتهم، لا يُجيدون إلا لعبة واحدة، ألا وهي تبادل الأدوار، وتناوب الرّكوب على أكتاف الوطن.. يحملون رايته بيدٍ، وشهادة الولاء ولانتماء بيدٍ، حتى أنفقوه، وأوردوه الهلاك أو كادوا، فبئس ما يفعلون.
 
لا والله إنهم لَشَرٌ مِن ذلك، فربما فعلت تلك فعلتها مِن سوء فهمها لسوق الحلال والحرام، وشروط الإحسان المقبول عند الله، فقدَّمت صدقتها عن طيب خاطر، وبراءة سريرة، لكن أولئك يقترفون ما يقترفون مِن خطايا عن طيب خاطر، ويُقدِّمون صَدَقاتِهم الآثمة عن وَعي وتدبير، إمعانا في الكذب، واستمرارا لتكتيك المخادعة، وَسِترا على ما سلف مِن سرقة ونهب، وتغييبا لأساس المشكلة ومصدرها، وعبثا بعواطف البُسطاء، واستدرارا لتعاطف الطيبين الذين سيسامحون - كالعادة - ويَعْفُون عمّا مضى، ويدفعون المزيد لأصحاب الضمائر الحيّة جدا في ميدان البر والإحسان، ورعاية الأوطان.
 
وفِّرُوا - هداكم الله - قروشكم، فما عساها تُجدي في مُصيبتِكم التي جلبتموها على الوطن!! وما عسانا نقول في مصيبة الوطن بكم يوم تولاه أمثالكم!!
لو كنتم صادقين، يا هؤلاء ما مددتم أيديكم ابتداء بالاختلاس، وَلَما طابتْ نُفوسكم بما أخذتم بغير وجه حق، ولا سكنت قلوبكم لِمَا حازت بغير وجه مشروع، ولو كان دَوْرا في وظيفة، أو فوزا ببعثة، أو مقعدا في جَامعة، وَلَما سَكَتَ مَنْ عَفَّ مِنكم على الذين خانوا أمانتهم، وَلَما سمحتم بطيّ ملفات الفساد، ولا نشطتم في الدّفاع عن الفاسدين، أو إصدار صكوك البراءة لهم، وَلَما وضعتم العثرات في طريق الإصلاح، ولَما حاربتم تشريعاته الحقيقية التي تُفضي إليه، حين حرصتم على إفراغها مِن مضمونها، ولَمَا اِتَّهمتم رموز الإصلاح مِن شرفاء الوطن، وحُكماء الناس في صدق نواياهم، وصحة انتمائهم لشعبهم ووطنهم.
 شكرا لكم، شكرا لكم، فلكم الفضل وحدكم في جعل الوطن أحمق غاب عقله (شعبه) فحلَّ نهبه، وما استفاق إلا وهو على قارعة الطريق في خرقة التسول.
 
ما أبغض المواقفَ الرحيمة حين تكون طريقا لاستمرار الجريمة!! وما أحقر الطاعات الظاهرة حين تكون طريقا لاستدامة المعاصي الباطنة!! وما أتعس الحظ مع الذين حوّلوا مواقفهم إلى قطعة حلوى يداعبون بها طفولة الشعب وبراءته لنسيان الجريمة بحق الله والفضيلة والوطن!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد